responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد    الجزء : 1  صفحة : 22
لقارئه أن حياة الأمة الإسلامية كانت هي هذه الحياة، مع أن الوقائع العملية للمسلمين كانت غير ذلك.
إن حياة المسلمين امتلأت بالعبادة، والجهاد، والدعوة، وقد انتشر الإسلام في العالم كله بواسطتهم، مما يؤكد أن اللهو كان بعض الهنات التي وقع فيها بعض ضعاف الإيمان، وذلك لا يغير الصورة العامة للمجتمع الإسلامي.
ومن المؤرخين من يبرز الجانب القتالي في حياة الأمة الإسلامية، بدون ربطه بروح الجهاد، ومشروعيته في الإسلام، الأمر الذي يوحي -للعامة- أن الإسلام انتشر بالسيف ... مع أن الأمر ليس كذلك.
إن القوة المادية مع الكفر ضلال كبير، تجعل أصحابها يتصورون مقدرتهم على التحكم في كل الماديات، والمعنويات، بل ويظنون قدرتهم على تكوين العقول، وتوجيه كافة شئون الحياة، هكذا شأن الطغيان في كل زمان ومكان!!
إن قوم هود واجهوا هودا بضلالهم هذا، واستمر هو في دعوتهم إلى العقيدة الصحيحة أساس الإيمان، ولم يتأثر بمعارضتهم، ولم يضعف أمام وعيدهم عليه السلام.
وللمرء أن يتساءل عن السر في تركيز هود -عليه السلام- على التوحيد والتدليل عليه, ولم يبرز بقية أركان العقيدة كما ركز على التوحيد، وأدلته.
والأمر سهل؛ لأن الدعوة الإلهية تركز على الإيمان بالله، وتقدمه على غيره؛ ولذلك ركز هود -عليه السلام- على دعوة التوحيد لشيوع الشرك والأصنام في الناس.
وأيضا, فإن القوم لو آمنوا بالله وحده، وخصوه بالعبادة دون سواه، فإن بقية الأركان تأتي تبعا، وبصورة تلقائية.
ومع ذلك, فإن هودا -عليه السلام- ذكرهم بالرسالة في قوله: {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ} , وذكرهم بالآخرة بقوله: {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} وعلى هذا, فالدعوة إلى التوحيد شاملة لكل أركان العقيدة ...
الركيزة الثانية: المترفون هم أعداء الدعوة:
أدى الترف بـ "عاد" إلى الكبر، والاستعلاء، وتصوروا أنفسهم فوق الناس أجمعين، وأبوا أن يكون هود -عليه السلام- رسولا إليهم.
ووصل بهم الضلال إلى السخرية بهود ودعوته، واتهموا عقله وخلقه، وتمسكوا بما هم عليه من كفر، وأخذوا يجادلون في آلهتهم بلا دليل من العقل أو الشرع، معتمدين على قوتهم، وجاههم، وغناهم، وعلى ما لهم بين الناس من تقدير.
إن الذين واجهوا هودا بالرفض، والجدل، هم الملأ، والمراد بهم علية القوم الذين امتلأت خزائنهم بالأموال، وملئوا المجالس حديثا، وريادة، وتوجيها، وملئوا عقول العامة بالضلال والفساد.
إن تشريع الجهاد كان لرد الظلم، وإزالة الطاغوت، ومنع استبداد الجاهلين، وإخافة أعداء الله في الأرض، وذلك من أجل أن يعيش الناس -كل الناس- أحرارا، في تعبدهم، وتفكيرهم، وأعمالهم، وفي مختلف أنشطتهم.
وكل مطلع على تشريع الجهاد، وتطبيقاته الإسلامية، يرى سمو الإسلام, وحرصه على الإنسان، وصيانته لكافة حقوقه بواسطة هذا الجهاد.
إن أبناء البلاد المفتوحة لم يجبروا على اعتناق الإسلام، والجزية لا تمثل لهم إكراها، فهي مبلغ زهيد يؤخذ من مقاتليهم مقابل إعفائهم من الزكاة، والصدقات، والكفارات، التي يؤديها المسلمون، وأيضا في مقابل إعفائهم من كثير من الأعمال الشاقة كالحماية, والحراسة، والدفاع.
وإن أداء الجزية يصون لدافعيها كافة الحقوق كالمسلمين تماما.
إن أبناء البلاد المفتوحة لما رأوا الفاتحين يسيرون على مبادئ الحق والعدل، والإنصاف، وشاهدوا نظام الإسلام يعمل عمله في نشر الأمن، والرفاهية، والمحبة؛ لبوا دعوة الإسلام، ودخلوا في دين الله أفواجا، وحملوا بأنفسهم راية الجهاد

اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد    الجزء : 1  صفحة : 22
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست