يخلف الميعاد بأن المستجيب للحق سيحيا حياة طيبة، حياة عزّ وعمل: نعم، سيحيا يتلألأ له نوره وضاءً في الدنيا بنور البصيرة وسكنى القلوب، وبقاء الذكر والثناء الجميل، وفي الآخرة سيحيا حياة الخلود ونعم الحياة {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ} [النحل: 31]
فاتقوا الله- أيها المسلمون- واستجيبوا لله ولرسوله بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، في العسر واليسر والمنشط والمكره وأثرة عليكم؛ استجِيبوا لله ولرسوله بإقامة الحدود: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 179] بإقامة العدل في أرض الله وبين عباده كل بحسبه وبقدر ما وَلِيَ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: 135] بإقامة الجهاد عسكريًا وثقافيًا. . فعدّوكم أيها المسلمون إن لم تغزوه غزاكم، وفي غزوه لكم عسكريًا قضاء على الحياة الحسيّة، وفي غزوه ثقافيًا قضاء على الروح المعنوية- عياذًا بالله- فاستجيبوا لله ولرسوله، فليس ثم لمن لا يستجيب إلا العار في الدنيا والنار في الآخرة، ولا جرم فلئن كانت الاستجابة لله ولرسوله نورًا فإن عدمها لظلام، لئن كانت الاستجابة حياةً فإن عدمها لموت؟ لئن كانت الاستجابة لله ولرسوله عزًا وعلوًا فإن عدمها لذل وهوان {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج: 18]
عباد الله: إن الحاكم العدل الرءوف بعباده آذننا من هذه الآية بأنه أملك لقلوب العباد منهم، يقلّبها كيف يشاء {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال: 24]