اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 84
فأنتم بين ضلالتين لأن اللَّه عز وجل قَالَ: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} أخرجت من هذه قالوا نعم قلت وأما قولكم محا عَنْ نفسه أمير المؤمنين فأنا آيتكم بمن ترضون أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الحديبية صالح المشركين أبا سفيان بْن حرب وسهيل بْن عمرو فَقَالَ لعلي رَضِيَ اللَّهُ عنه: "اكْتُبْ لَهُمْ كِتَابًا" فَكَتَبَ لَهُمْ عَلِيٌّ هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا قَاتَلْنَاكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ" امْحُ يَا عَلِيُّ اكْتُبْ هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَوَاللَّهِ لَرَسُولُ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ وَقَدْ مَحَا نَفْسَهُ قَالَ فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَلْفَانِ وَخَرَجَ سَائِرُهُمْ فَقُتِلُوا أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز نا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن ثابت نا ولاد بْن عَلِيٍّ الكوفي نا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن دحم الشَّيْبَانِي ثنا أَحْمَد بْن حازم ثنا أَحْمَد بْن عَبْدِ الرَّحْمَن يعني ابْن أبي ليلى ثنا سَعِيد بْن جثيم عَنْ القعقاع بْن عمارة عَنْ أبي الخليل عَنْ أبي الشائعة عَنْ جندب الأزدي قَالَ لما عدلنا إِلَى الخوارج ونحن مَعَ عَلِيّ بْن أبي طالب كرم اللَّه وجهه قَالَ فانتهينا إِلَى معسكرهم فَإِذَا لهم دوي كدوي النحل من قراءة القرآن.
قَالَ المصنف: وفي رواية أخرى أن عليا رَضِيَ اللَّهُ عنه لما حكم أتاه من الخوارج زرعة بْن البرج الطائي وحرقوص بْن زهير السعدي فدخلا عَلَيْهِ فقالا لَهُ لا حكم إلا اللَّه فَقَالَ علي لا حكم إلا لله فَقَالَ لَهُ حرقوص تب من خطيئتك وارجع عَنْ قضيتنا وأخرج بنا إِلَى عدونا نقاتلهم حتى نلقى ربنا ولئن لم تدع تحكيم الرجال فِي كتاب اللَّه عز وجل لأقاتلنك أطلب بذلك وجه اللَّه واجتمعت الخوارج فِي منزل عَبْد اللَّهِ بْن وهب الراسي فحمد اللَّه وأثنى عَلَيْهِ ثم قَالَ مَا ينبغي لقوم يؤمنون بالرحمن وينسبون إِلَى حكم القرآن أن تكون هذه الدنيا التي إيثارها عناء آثر عنده من الأمر بالمعروف والنهي عَن المنكر والقول بالحق فأخرجوا بنا فكتب إليهم عَلِيّ بْن أبي طالب كرم اللَّه وجهه أما بعد فَإِن هذين الرجلين اللذين ارتضيا حكمين فقد خالفا كتاب اللَّه واتبعا أهواءهما ونحن عَلَى الأمر الأَوَّل فكتبوا إليك إنك لم تغضب لربك وإنما غضبت لنفسك فَإِن شهدت عَلَى نفسك بالكفر واستقبلت التوبة نظرنا فيما بيننا وبينك وإلا فقد نابذناك عَلَى سواء والسلام ولقي الخوارج فِي طريقهم عَبْد اللَّهِ بْن خباب فقالوا هل سمعت من أبيك حديثا تحدثه عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحدثناه قَالَ نعم سمعت أبي يحدث عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه ذكر "فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي فَإِن أدركت ذلك فكن عَبْد اللَّهِ المقتول" قالوا أنت سمعت هَذَا من أبيك تحدثه عَنْ رَسُول اللَّهِ قَالَ نعم فقدموه
اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 84