responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 82
مَنْ فِي السَّمَاءِ يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً" ثُمَّ أَتَاهُ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ ناتىء الْجَبْهَةِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مُشَمِّرُ الإِزَارِ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ: "وَيْحَكَ أَلَيْسَ أَحَقُّ النَّاسِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ أَنَا" ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَالَ خَالِدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا أَضْرِبُ عُنُقَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَلَعَلَّهُ يُصَلِّي" فَقَالَ إِنَّهُ رَبٌّ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَمْ أُؤْمَرْ أَنْ أَنْقَبِلَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ" ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مُقْفٍ فَقَالَ: "إِنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ ضئضيء[1] هَذَا قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمْيَةِ".
قال المصنف: هَذَا الرَّجُل يقال لَهُ ذو الخويصرة التميمي وفي لفظ أنه قَالَ لَهُ اعدل فَقَالَ ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل فهذا أول خارجي خرج فِي الإسلام وآفته أنه رضي برأي نفسه ولو وقف لعلم أنه لا رأي فوق رأي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأتباع هَذَا الرَّجُل هم الذين قاتلوا عَلِيّ بْن أبي طالب كرم اللَّه وجهه وذلك أنه لما طالت الحرب بين مُعَاوِيَة وعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رفع أصحاب مُعَاوِيَة المصاحف ودعوا أصحاب علي إِلَى مَا فيها وقال تبعثون مِنْكُمْ رجلا ونبعث منا رجلا ثم نأخذ عليهما أن يعملا بما فِي كتاب اللَّه عز وجل فَقَالَ الناس قد رضينا فبعثوا عمرو بْن العاص فَقَالَ أصحاب علي ابعث أبا مُوسَى فَقَالَ علي لا أرى أن أولي أبا مُوسَى هَذَا ابْن عَبَّاس قالوا لا يَزِيد رجلا منك فبعث أبا مُوسَى وأخر القضاء إِلَى رمضان فَقَالَ عروة بْن أذينة تحكمون فِي أمر اللَّه الرجال لا حكم إلا اللَّه ورجع علي من صفين فدخل الكوفة ولم تدخل معه الخوارج فأتوا حروراء[2] فنزل بِهَا منهم اثنا عشر ألفا وقالوا لا حكم إلا لله وكان ذلك أول ظهورهم ونادى مناديهم أن أمير القتال شبيب بْن ربعي التميمي وأمير الصلاة عَبْد اللَّهِ بْن الكوا اليشكري وكانت الخوارج تتعبد إلا أن اعتقادهم أنهم أعلم من عَلِيّ بْن أبي طالب كرم اللَّه وجهه وهذا مرض صعب.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَحْمَدَ نا مُحَمَّد بْن هِبَة اللَّهِ الطَّبَرِيّ نا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن الفضل نا عَبْدُ اللَّهِ بْن جَعْفَر بْن درستويه نا يعقوب بْن سفيان ثني مُوسَى بْن مسعود ثنا عِكْرِمَة بْن عمار عَنْ سماك بْن رميل قَالَ قَالَ عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس إِنَّهُ لما اعتزلت الخوارج دخلوا دارا وهم ستة آلاف.

[1] الضئضئوهو بضادين معجمتين مكسورتين وآخره مهموز وهو أصل الشيء وروي بالمهملتين.
[2] حروراء: قرية بالعراق قريبة من الكوفة.
اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 82
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست