اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 320
ينظر إِلَى الدنيا بفرد عين ونحن نسأل اللَّه سلامة العقول وَقَدْ حكى يوسف بْن أيوب الهمداني عَنْ شيخه عَبْد اللَّهِ الجوني أنه كان يَقُول هذه الدولة مَا أخرجتها من المحراب بل من موضع الخلاء وقال كنت أخدم فِي الخلاء فبينما أنا يوما أكنسه وأنظفه قالت لي نفسي أذهبت عمرك فِي هَذَا فقلت أنت تأنفين من خدمة عباد اللَّه فوسعت رأس البئر ورميت نفسي فيها وجعلت أدخل النجاسة في فمي فجاؤا وأخرجوني وغسلوني قلت أنظروا إِلَى هَذَا المسكين كيف اعتقد جمع الأصحاب خلفه دولة واعتقد أن تلك الدولة إنما حصلت بإلقاء نفسه فِي النجاسة وإدخالها فِي فيه وَقَدْ نال بذلك فضيلة أثيب عليها بكثرة الأصحاب وهذا الذي فعله معصية توجب العقوبة وفي الجملة لما فقد هؤلاء العلم كثر تخبيطهم وبإسناد عَنْ مُحَمَّد بْن عَلِيٍّ الكتاني يَقُول دخل الْحُسَيْن بْن منصور مكة فِي ابتداء أمره فجهدنا حتى أخذنا مرقعته قَالَ السوسي أخذنا منها قملة فوزناها فَإِذَا فيها نصف دانق من كثرة رياضته وشدة مجاهدته قلت أنظروا إِلَى هَذَا الجاهل بالنظافة التي حث عليها الشرع وأباح حلق الشعر المحظور عَلَى المحرم لأجل تأذيه من القمل وجبر الحظر بالفدية وأجهل من هَذَا من أعتقد هَذَا رياضته. وبإسناد عَنْ أبي اللَّه بْن ملقح يَقُول كان عندنا فقير صوفي فِي الجامع فجاع مرة جوعا شديدا فَقَالَ يا رب إما أن تطعمني إما أن ترميني بشرف المسجد فجاء غراب فجلس عَلَى الشرف فوقعت عَلَيْهِ من تحت رجله آجرة فجرى دمه وكان يمسح الدم ويقول أيش تبالي بقتل العالم قلت قتل اللَّه هَذَا ولا أحياه فِي مقابلته هَذَا الاستنباط هلا قَامَ إِلَى الكسب أَوْ إِلَى الكدية وبإسناد عَنْ غلام خليل قَالَ رأيت فقيرا يعدو ويلتفت ويقول أشهدكم عَلَى اللَّه هوذا يقتلني وسقط ميتا.
فصل: وفي الصوفية قوم يسمون الملامتية اقتحموا الذنوب وقالوا مقصودنا أن نسقط من أعين الناس فنسلم من الجاه وهؤلاء قد أسقطوا جاههم عند اللَّه لمخالفة الشرع قَالَ وفي القوم طائفة يظهرون من أنفسهم أقبح مَا هم فيه ويكتمون أحسن مَا هم عليه وفعلهم هذا منأقبح الأشياء ولقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أتى شيئا من هذه القاذورات فليستتر بستر اللَّه" وقال فِي حق مَا عز هلا سترته بثوبك يا هَذَا واجتاز عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعض الصحابة وَهُوَ يتكلم مَعَ صفية زوجته فَقَالَ لَهُ أنها صفية وَقَدْ علم الناس التجافي عَنْ مَا يوجب سوء الظن فَإِن المؤمنين شهداء اللَّه فِي الأَرْض وخرج حذيفة إِلَى الجمعة ففاتته فرأى الناس وهم راجعون فاستتر لئلا يسوء ظن الناس به وَقَدْ قدمنا هذه وقال أَبُو بَكْر الصديق لرجل قَالَ لَهُ إني لمست امرأة وقبلتها فَقَالَ تب إِلَى
اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 320