responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 321
اللَّه ولا تحدث أحدا بذلك وجاء رجل إِلَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال إني أتيت من أجنبية مَا دون الزنا يا رَسُول اللَّهِ قَالَ: "ألم تصل معنا" قَالَ بلى يا رَسُول اللَّهِ قَالَ: "ألم تعلم أن الصلاتين تكفر مَا بينهما" وقال رجل لبعض الصحابة إني فعلت كذا وكذا من الذنوب فَقَالَ لقد ستر اللَّه عليك لو سترت عَلَى نفسك فهؤلاء قد خالفوا الشريعة وأرادوا قطع مَا جبلت عَلَيْهِ النفوس.
فصل: وقد اندس فِي الصوفية أهل الإباحة فتشبهوا بهم حفظا لدمائهم وهم ينقسمون إِلَى ثَلاثَة أقسام القسم الأَوَّل كفار فمنهم قوم لا يقرون بالله سبحانه وتعالى ومنهم من يقر به ولكن يجحد النبوة ويرى أن مَا جاء به الأنبياء محال وهؤلاء لما أرادوا أمراح أنفسهم فِي شهواتها لم يجدوا شيئا يحقنون به دماءهم ويستترون به وينالون فيه أغراض النفوس كمذهب التصوف فدخلوا فيه ظاهرا وهم فِي الباطن كفرة وليس لهؤلاء إلا السيف لعنهم اللَّه والقسم الثاني قوم يقرون بالإسلام إلا أنهم ينقسمون قسمين القسم الأَوَّل يقلدون فِي أفعالهم لشيوخهم من غير اتباع دليل ولا شبهة فهم يفعلون مَا يأمرونهم به وما رأوهم عَلَيْهِ القسم الثالث قوم عرضت لهم شبهات فعملوا بمقتضاها والأصل الذي نشأت مِنْهُ شبهاتهم أنهم لما هموا بالنظر فِي مذاهب الناس لبس عليهم إبليس فأراهم أن الشبهة تعارض الحجج وأن التمييز يعسر وأن المقصود أجل من أن ينال بالعلم وإنما الظفر به رزق يساق إِلَى العبد لا بالطلب فسد عليهم باب النجاة الذي هو طلب العلم فصاروا يبغضون اسم العلم كَمَا يبغض الرافضي اسم أبي بَكْر وعمر ويقولون العلم حجاب والعلماء محجوبون عَنِ المقصود بالعلم فَإِن أنكر عليم عالم قالوا لأتباعهم هَذَا موافق لنا فِي الباطن وإنما يظهر ضد مَا نحن فيه للعوام الضعاف العقول فَإِن جد فِي خلافهم قالوا هَذَا أبله مقيد بقيود الشريعة محجوب عَنِ المقصود ثم عملوا عَلَى شبهات وقعت لهم ولو فطنوا لعلموا أن عملهم بمقتضى شبهاتهم علم فقد بطل إنكارهم العلم وأنا أذكر شبهاتهم وأكشفها إن شاء اللَّه تعالى وهي ست شبهات:
الشبهة الأولى: أنهم قالوا إذا كانت الأمور مقدرة فِي القدم وأن أقواما خصوا بالسعادة وأقواما بالشقاوة والسعيد لا يشقى والشقي لا يسعد والأعمال لا تراد لذاتها بل لاجتلاب السعادة ودفع الشقاوة وَقَدْ سبقنا وجود الأعمال فلا وجه لإتعاب النفس فِي عمل ولا نكفها عَنْ ملذوذ لأن المكتوب فِي القدر واقع لا محالة.
والجواب عَنْ هذه الشبهة أن يقال لهم هَذَا رد لجميع الشرائع وإبطال لجميع أحكام الكتب وتبكيت للأنبياء كلهم فيما جاءوا به لأنه إذا قَالَ فِي القرآن أن أقيموا الصلاة قَالَ القائل لماذا

اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 321
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست