responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 254
جاع واحتاج إِلَى عفة نفسه أجر نفسه ثمان سنين وقال اللَّه تعالى {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} وهذا لأن الحركة استعمال بنعمة اللَّه وهي القوى فاستعمل مَا عندك ثم أطلب مَا عنده وَقَدْ يطلب الإنسان من ربه وينسى مَا لَهُ عنده من الذخائر فَإِذَا تأخر عنه مَا يطلبه يسخط فترى بعضهم يملك عقارا وأثاثا فَإِذَا ضاق به القوت واجتمع عَلَيْهِ دين فَقِيلَ لَهُ لو بعت عقارك قَالَ كيف أفرط فِي عقاري وأسقط جاهي عند الناس وإنما يفعل هذه الحماقات العادات وإنما قعد أقوام عَنْ الكسب استثقالا لَهُ فكانوا بين أمرين قبيحين إما تضييع العيال فتركوا الفرائض أَوِ التزين باسم أنه متوكل فيحن عليهم المكتسبون فضيقوا عَلَى عيالهم لأجلهم وأعطوهم وهذه الرذيلة لم تدخل قط إلا عَلَى دنيء النفس الرذيلة وإلا فالرجل كل الرَّجُل من لم يضيع جوهرة الذي أودعه اللَّه إيثارا للكسل أَوْ لاسم يتزين به بين الجهال فَإِن اللَّه تعالى قد يحرم الإنسان المال ويرزقه جوهرًا يتسبب به إِلَى تحصيل الدنيا بقبول الناس عَلَيْهِ.
فصل: وقد تشبث القاعدون عَنْ التكسب بتعللات قبيحة منا أنهم قالوا لا بد من أن يصل إلينا رزقنا وهذا فِي غاية القبح فَإِن الإنسان لو ترك الطاعة وقال لا أقدر بطاعتي أن أغير مَا قضى اللَّه علي فَإِن كنت من أهل الْجَنَّة فأنا إِلَى الْجَنَّة أَوْ من أهل النار فأنا من أهل النار قلنا لَهُ هَذَا يرد الأوامر كلها ولو صح لأحد ذلك لم يخرج آدم من الْجَنَّة لأنه كان يَقُول مَا فعلت إلا مَا قضى علي ومعلوم أننا مطالبون بالأمر لا بالقدر ومنها أنهم يقولون أين الحلال حتى نطلب وهذا قول جاهل لأن الحلال لا ينقطع أبدا لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الحلال بين والحرام بين" ومعلوم أن الحلال مَا أذن الشرع فِي تناوله وإنما قولهم هَذَا احتجاج للكسل ومنها أنهم قالوا إذا كسبنا أعنا الظلمة والعصاة مثل مَا أَخْبَرَنَا به عُمَر بْن ظفر نا جَعْفَر بْن أَحْمَدَ نا عَبْد الْعَزِيز بْن عَلِيّ نا ابْن جهضم نا عَلِيّ بْن مُحَمَّد السيرواني قَالَ سَمِعْتُ إبراهيم الخواص يَقُول طلبت الحلال فِي كل شيء حتى طلبته فِي صيد السمك فأخذت قصبة وجعلت فيها شعرا وجلست عَلَى الماء فألقيت الشص فخرجت سمكة فطرحتها عَلَى الأَرْض وألقيت الثانية فخرجت لي سمكة فأنا اطرحها ثالثة إذا من ورائي لطمة لا أدري من يد من هي ولا رأيت أحدا وسمعت قائلا يَقُول أنت لم تصب رزقا فِي شيء إلا أن تعمد إِلَى من يذكرنا فتقتله قَالَ فقطعت الشعر وكسرت القصبة وانصرفت أنبأنا أَبُو المظفر عَبْد المنعم بْن عَبْدِ الكريم القشيري ثنا أبي قَالَ سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن يَقُول سمعت أبا بَكْر الرازي يَقُول سمعت أبا عثمان بْن الآدمي قَالَ سمعت إبراهيم الخواص يَقُول طلبت فقصدت الخ مَا تقدم.

اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 254
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست