اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 204
قَالَ المصنف: فهذه الروايات كلها دليل عَلَى كراهية الغناء قَالَ أَبُو بَكْر الخلال كره أَحْمَد القصائد لما قيل لَهُ إنهم يتماجنون ثم روى عنه مَا يدل عَلَى أنه لا بأس بِهَا قَالَ المرزوي سألت أبا عُبَيْد اللَّه عَنِ القصائد فَقَالَ بدعة فقلت لَهُ إنهم يهجرون فَقَالَ لا يبلغ بهم هَذَا كله.
قال المصنف: وَقَدْ روينا أن أَحْمَد سمع قوالا عند ابنه صالح فم ينكر عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ صالح يا أبت أليس كنت تنكر هَذَا فَقَالَ إنما قيل لي انهم يستعملون المنكر فكرهته فأما هَذَا فأني لا أكرهه قال المصنف رحمه اللَّه قلت وَقَدْ ذكر أصحابنا عَنْ أبي بَكْر الخلال وصاحبه عَبْد الْعَزِيز إباحة الغناء وإنما أشار إِلَى مَا كان فِي زمانهما من القصائد الزهديات وعلى هَذَا يحمل مَا لم يكرهه أَحْمَد ويدل عَلَى مَا قلت أن أَحْمَد بْن حنبل سئل عَنْ رجل مات وترك ولدا وجارية مغنية فاحتاج الصبي إِلَى بيعها فَقَالَ لا تباع عَلَى أنها مغنية فَقِيلَ لَهُ أنها تساوي ثلاثين ألف درهم ولعلها إذا بيعت ساذجة تساوي عشرين دينارا فَقَالَ لا تباع إلا عَلَى أنها ساذجة.
قَالَ المصنف: وإنما قَالَ هَذَا لأن الجارية المغنية لا تغني بقصائد الزهديات بل بالأشعار المطربة المثيرة للطبع إِلَى العشق وهذا دليل عَلَى أن الغناء محظور إذ لو لم يكن محظورا مَا أجاز تفويت المال عَلَى اليتيم وصار هَذَا كقول أبي طلحة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندي خمر لأيتام فَقَالَ أرقها فلو جاز استصلاحها لما أمره بتضييع أموال اليتامى وروى المرزوي عَنْ أَحْمَد بْن حنبل أنه قَالَ كسب المخنث خبيث يكسبه بالغناء وهذا لأن المخنث لا يغني بالقصائد الزهدية إنما يغنى بالغزل والنوح فبان من هذه الجملة أن الروايتين عَنْ أَحْمَد فِي الكراهة وعدمها تتعلق بالزهديات الملحنة فأما الغناء المعروف الْيَوْم فمحظور عنده كيف ولو علم مَا أحدث الناس من الزيادات.
فصل: قال المصنف: وأما مذهب مالك بْن أنس رحمه اللَّه فأَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن ناصر نا أَبُو الْحُسَيْن بْن عَبْدِ الجبار نا أَبُو إسحاق البرمكي نا عَبْدُ الْعَزِيز بْن جَعْفَر ثنا أَبُو بَكْر الخلال وأَخْبَرَنَا عاليا سَعِيد بْن الْحَسَنِ بْن البنا نا أَبُو نصر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الدبيثي نا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عُمَر الوراق نا مُحَمَّد بْن السري بْن عثمان التمار قالا أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَدَ عَنْ أبيه عَنْ إسحاق بْن عِيسَى الطباع[1] قَالَ سألت مالك بْن مالك بْن أنس عَنْ مَا يترخص فيه أهل المدينة من الغناء فَقَالَ إنما يفعله الفساق أَخْبَرَنَا هِبَة اللَّهِ بْن أَحْمَدَ الحريري قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الطيب الطَّبَرِيّ قَالَ أما مالك بن [1] في نسخة الطباخ.
اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 204