responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 149
فالتصوف مذهب معروف يَزِيد عَلَى الزهد ويدل عَلَى الفرق بينهما أن الزهد لم يذمه أحد وَقَدْ ذموا التصوف عَلَى مَا سيأتي ذكره وصنف لهم عَبْد الكريم بْن هوزان القشيري كتاب الرسالة فذكر فيها العجائب من الكلام فِي الفناء والبقاء والقبض والبسط والوقت والحال والوجد والوجود والجمع والتفرقة والصحو والسكر والذوق والشرب والمحو والإثبات والتجلي والمحاضرة والمكاشفة واللوائح والطوالع واللوامع والتكوين والتمكين والشريعة والحقيقة إِلَى غير ذلك من التخليط الذي ليس بشيء وتفسيره أعجب مِنْهُ وجاء مُحَمَّد بْن ظاهر المقدسي فصنف لهم صفوة التصوف فذكر فيه أشياء يستحي العاقل من ذكرها سنذكر منها مَا يصلح ذكره فِي مواضعه إن شاء اللَّه تعالى.
وكان شيخنا أَبُو الفضل بْن ناصر الْحَافِظ يَقُول كان ابْن طاهر يذهب مذهب الإباحة قَالَ وصنف كتابا فِي جواز النظر إِلَى المراد أورد فيه حكاية عَنْ يَحْيَى بْن معين قَالَ رأيت جارية بمصر مليحة صَلَّى اللَّهُ عليها فَقِيلَ لَهُ تصلي عليها فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عليها وعلى كل مليح قَالَ شيخنا ابْن ناصر وليس ابْن طاهر بمن يحتج به وجاء أَبُو حامد الغزالي فصنف لهم كتاب الأحياء عَلَى طريقة القوم وملأه بالأحاديث الباطله وَهُوَ لا يعلم بطلانها وتكلم فِي علم المكاشفة وخرج عَنْ قانون الفقه وقال أن المراد بالكوكب والشمس والقمر اللواتي رآهن إِبْرَاهِيم صلوات اللَّه عَلَيْهِ أنوار هي حجب اللَّه عز وجل ولم يرد هذه المعروفات وهذا من جنس كلام الباطنية وقال فِي كتابه المفصح بالأحوال إن الصوفية فِي يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم أصواتا ويقتبسون منهم فوائد ثم يترقى الحال من مشاهدة الصورة إِلَى درجات يضيق عنها نطاق النطق.
قَالَ المصنف: وكان السبب فِي تصنيف هؤلاء مثل هذه الأشياء قلة علمهم بالسنني والإسلام والآثار وإقبالهم عَلَى مَا استحسنوه من طريقة القوم وإنما استحسنوها لأنه قد ثبت فِي النفوس مدح الزهد وما رأوا حالة أحسن من حالة هؤلاء القوم فِي الصورة ولا كلاما أرق من كلامهم وفي سير السلف نوع
خشونة ثم أن ميل الناس إِلَى هؤلاء القوم شديد لما ذكرنا من أنها طريقة ظاهرها النظافة والتعبد وفي ضمنها الراحة والسماع والطباع تميل إليها وَقَدْ كان أوائل الصوفية ينفرون من السلاطين والأمراء فصاروا أصدقاء.
فصل: وجمهور هذه التصانيف التي صنفت لهم لا تستند إِلَى أصل وإنما هي واقعات

اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 149
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست