responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 151
بَلْ شَأْنُهُمْ اسْتِقْصَارُ مَا صَدَرَ عَنْهُمْ دَائِمًا وَيَرَوْنَ أَنْفُسَهُمْ مَعَ تِلْكَ الطَّاعَاتِ أَحْقَرَ مِنْ الْكُلِّ بِالذُّنُوبِ وَالتَّقْصِيرَاتِ.
كَمَا حُكِيَ عَنْ خَوَاجَهْ بَهَاءِ الدِّينِ مُحَمَّدٍ النَّقْشَبَنْدِيِّ قَدَّسَ سِرَّهُ الْعَزِيزُ أَنَّهُ قَالَ حِينَ سُئِلَ عَنْ الْكَرَامَةِ أَيُّ كَرَامَةٍ أَعْظَمُ مِنْ الْمَشْيِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مَعَ هَذِهِ الذُّنُوبِ الْكَثِيرَةِ وَسَتَسْمَعُ مِنْ الْمُصَنِّفِ بَعْضَ اسْتِحْقَارِ أَنْفُسِهِمْ لَا يَخْفَى أَنَّ سِيَاقَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ مَا عَلَيْهِ السَّلَفُ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَنَّهُمْ أَحِقَّاءٌ وَمِنْ الْيَقِينِ الْقَطْعِيِّ أَنَّ كُلَّ مَا خَالَفَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَيْسَ بِحَقٍّ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْحَقِيقَةُ مَعَ غَيْرِيَّةِ مَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ إنْ أُخِذَ مِنْ الشَّرْعِ فَلَا يَكُونُ مِنْ غَيْرِ مَا عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَّا فَيَكُونُ رَأْيًا فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ وَحَسَنًا عَقْلِيًّا وَتَقْيِيدًا لِمُطْلَقَاتِ النُّصُوصِ فَلَا يَكُونُونَ عَلَى حَقٍّ وَأَيْضًا يَجُوزُ لِكُلٍّ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِمْ بِهَذَا التَّأْوِيلِ فَلَا تَبْقَى فَائِدَةٌ مِنْ مَنْعِ هَذَا التَّشْدِيدِ وَتَخْصِيصِ الْمَنْعِ بِغَيْرِ هَذَا التَّأْوِيلِ بَعِيدٌ عَلَى أَنَّ تِلْكَ النُّصُوصَ وَالْأَخْبَارَ بِتَعَاضُدِ بَعْضِهَا مَعَ بَعْضٍ مُفَسِّرَاتٌ فَلَا تَقْبَلُ التَّأْوِيلَ غَايَةَ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الشَّرْعِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَفْضَلِ وَالْأَوْلَى وَمَا ذُكِرَ مِنْ الِاقْتِصَادِ هُوَ الْأَفْضَلُ وَالْأَوْلَى لَكِنْ يَشْكُلُ أَنَّهُمْ طَائِفَةٌ الْتَزَمُوا جَانِبَ الْعَزِيمَةِ وَالِاحْتِيَاطِ نَحْوُ الْوَاجِبِ وَالْحَمْلِ عَلَى عَدَمِ عِرْفَانِهِمْ جَانِبَ الْأَوْلَى أَصْعَبُ كَيْفَ وَأَكْثَرُهُمْ مُجْتَهِدٌ وَجَمِيعُهُمْ فِي قُرْبِ عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ تَرَتَّبَ عَلَى صَنِيعِهِمْ عَلَائِمُ قَبُولِ آثَارِ أَعْمَالِهِمْ مِنْ نَحْوِ الْكَرَامَاتِ الْعِيَانِيَّةِ، وَالْقَوْلُ أَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ مُخَالَفَاتِ بَعْضِ الْمُجْتَهِدِينَ مَعَ بَعْضٍ لَا يَخْلُو عَنْ تَكَلُّفٍ أَيْضًا
وَبِالْجُمْلَةِ أَنِّي لَمْ أَجِدْ فِي الْمَقَامِ شَيْئًا غَيْرَ قُصُورِ فَهْمِي حَقِيقَةَ الْمَرَامِ (وَأَمَّا نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ بَلَغَ الدَّرَجَةَ الْعُلْيَا مِنْ الْكَمَالِ) الْمُمْكِنِ لِلْبَشَرِ بِعِنَايَةٍ مِنْ رَبِّهِ تَعَالَى قِيلَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا كَمَا يَدُلُّ تَفَرُّغُهُ فِي غَارِ حِرَاءَ - {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلا} [المزمل: 8]- وَيُوَاصِلُ فِي صِيَامِهِ وَيُبَالِغُ فِي قِيَامِهِ وَلَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدٌ مِنْ الْأُمَّةِ بِكَثْرَةِ عِبَادَةٍ أَصْلًا فَتَأَمَّلْ مَا فِيهِ (وَهِيَ) أَيْ الدَّرَجَةُ الْعُلْيَا (أَنْ لَا يَمْنَعَ عَنْ تَوَجُّهِ الْقَلْبِ) إلَى عَالِمِ الْقُدْسِ وَالنُّورِ (بِشَيْءٍ) مِنْ الْعَوَائِقِ الْجِسْمِيَّةِ وَالشَّوَاغِلِ الْبَشَرِيَّةِ الْمَادِّيَّةِ (لَا التَّكَلُّمِ مَعَ الْخَلْقِ وَلَا الْأَكْلِ وَلَا الشَّرَابِ وَلَا النَّوْمِ وَلَا مُلَامَسَةِ النِّسَاءِ) مِنْ اللَّمْسِ بِمَعْنَى الْجِمَاعِ (وَتَكُونُ الْخُلْطَةُ) مَعَ الْخَلْقِ (وَالْعُزْلَةُ) مِنْ الْخَلْقِ عِنْدَهُ (سَوَاءً) .
قَالَ عَلِيٌّ الْقَارِيّ عَنْ أَكَابِرِ الصُّوفِيَّةِ الْخَلْوَةُ فِي الْجَلْوَةِ وَالْعُزْلَةُ فِي الْخُلْطَةِ وَالصُّوفِيُّ كَائِنٌ بَائِنٌ وَغَرِيبٌ قَرِيبٌ وَعَرْشِيٌّ فَرْشِيٌّ، فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عِنْدَ اشْتِغَالِهِ بِاشْتِغَالِ هَذِهِ الْحِسِّيَّاتِ لَا يَغِيبُ وَلَا يُذْهِلُ عَنْ مُطَالَعَةِ جَلَالِ اللَّهِ وَجَمَالِهِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37] ، فَإِنْ قِيلَ الذِّهْنُ بَسِيطٌ لَا يَتَعَلَّقُ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ بِأَكْثَرَ مِنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ كَمَا اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4]- قُلْنَا قَالُوا يَتَيَسَّرُ التَّوَجُّهُ التَّامُّ دَفْعَةً إلَى شَيْئَيْنِ لِلْمُجَرَّدِينَ عَنْ الْعَوَائِقِ الْبَشَرِيَّةِ وَلِذَوِي النُّفُوسِ الْقُدْسِيَّةِ الْقَوِيَّةِ.
وَلِهَذَا «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُدَبِّرُ أَمْرَ الْجَيْشِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ» مَعَ حُضُورِ الصَّلَاةِ وَخُشُوعِهَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ «ذَكَرْت وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ تِبْرًا عِنْدَنَا فَكَرِهْت أَنْ يَبِيتَ عِنْدَنَا فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ» وَفِي شَرْحِهِ وَفِي رِوَايَةٍ فَقَسَمْتُهُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّفَكُّرَ بِغَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ لَا يُنْقِصُ كَمَالَهَا وَأَنَّ النِّيَّةَ فِيهَا إلَى شَيْءٍ

اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 151
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست