responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 141
أَنَّ الْأَكْلَ مِقْدَارُ مَا يَدْفَعُ بِهِ الْهَلَاكَ فَرْضٌ.
وَقَالَ فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيُّ الْأَكْلُ إمَّا فَرْضٌ أَنَّ مِنْ الْحَلَالِ قَدْرُ مَا يَدْفَعُ بِهِ الْهَلَاكَ وَيَتَقَوَّى لِأَدَاءِ الْفَرْضِ وَيُؤْجَرُ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيُؤْجِرُ فِي كُلِّ لُقْمَةٍ يَرْفَعُهَا الْعَبْدُ إلَى فَمِهِ» وَإِمَّا مَنْدُوبٌ إنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ أَدَاءِ الصَّلَاةِ قَائِمًا وَلِيَسْهُلَ الصَّوْمُ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ» وَإِمَّا مُبَاحٌ لَا أَجْرَ وَلَا وِزْرَ إنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ تَقَوِّي الْبَدَنِ فَيُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَإِمَّا حَرَامٌ إنْ فَوْقَ الشِّبَعِ لِإِضَاعَةِ الْمَالِ وَالْإِسْرَافِ وَإِمْرَاضِ الْبَدَنِ.
قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مَلَأ ابْنُ آدَمَ وِعَاءً شَرًّا مِنْ الْبَطْنِ» وَقَالَ «أَطْوَلُ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ أَكْلًا فِي الدُّنْيَا» إلَّا لِتَطْيِيبِ الْمُسَافِرِ وَلِصَوْمِ الْغَدِ وَيُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ بِلَا إسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ وَلَا يَسْتَدِيمُ الشِّبَعَ.
قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجُوعُ يَوْمًا وَأَشْبَعُ يَوْمًا وَكَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَشْبَعُ مِنْ الشَّعِيرِ ثَلَاثَ لَيَالٍ مُتَوَالِيَاتٍ فَلَا يَأْكُلُ إلَّا مِنْهُ أَوْ يَخْلِطُ بُرًّا بِالشَّعِيرِ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ثَلَاثٌ فِيهِنَّ الْبَرَكَةُ الْبَيْعُ بِالْأَجَلِ وَالْمُقَارَضَةُ وَخَلْطُ الْبُرِّ بِالشَّعِيرِ لِلْبَيْتِ دُونَ الْبَيْعِ» وَلَا يَأْكُلُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مَرَّتَيْنِ، فَإِنَّهُ مِنْ الْإِسْرَافِ وَاتِّخَاذِ أَلْوَانِ الْأَطْعِمَةِ وَالْبَاجَّاتِ، وَوَضْعُ الْخُبْزِ عَلَى الْمَائِدَةِ أَكْثَرَ مِنْ الْحَاجَةِ سَرَفٌ إلَّا إذَا قَصَدَ أَنْ يُضَيِّفَ قَوْمًا بَعْدَ قَوْمٍ انْتَهَى مُلَخَّصًا.

(وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا) أَيْ فِي الِاخْتِيَارِ (الْكَسْبُ) أَيْ تَحْصِيلُ أُمُورِ الْمَعَاشِ (أَنْوَاعٌ) أَرْبَعَةٌ (فَرْضٌ) يُثَابُ فَاعِلُهُ بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ مَعَ إمْكَانِهِ وَيَكْفُرُ جَاحِدُهُ لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ الْقَطْعِيِّ.
قَالَ تَعَالَى {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: 15] وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «طَلَبُ الْكَسْبِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» (وَهُوَ الْكَسْبُ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ) فَسَّرَ الْكِفَايَةَ فِي الأسروشنية بِكِفَايَةِ يَوْمِهِ (لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ) مِمَّنْ وَجَبَ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ كَنَفَقَةِ قَرَابَةِ الْوِلَادَةِ وَالزَّوْجَةِ وَالْمَمَالِيكِ (وَقَضَاءِ دُيُونِهِ) وَلَوْ مَاتَ بِلَا قَضَاءٍ وَلَا تَعْطِيلِ كَسْبٍ وَفِي نِيَّتِهِ الْأَدَاءُ لَا يَأْثَمُ قَالَ فِي أَوَائِلِ زَكَاةِ الْبَزَّازِيَّةِ مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ إنْ كَانَ مِنْ قَصْدِهِ الْأَدَاءُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمَطْلُ وَنُقِلَ عَنْ الِاخْتِيَارِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى وَوَقَعَ فِي الأسروشنية بِأَنَّ الرُّسُلَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَكْتَسِبُونَ وَيَأْكُلُونَ مِنْ كَسْبِهِمْ فَآدَمُ زَرَعَ بُرًّا وَسَقَاهُ وَحَصَدَهُ وَدَاسَهُ وَطَحَنَهُ وَعَجَنَهُ وَخَبَزَهُ فَأَكَلَهُ
وَنُوحٌ نَجَّارٌ وَزَكَرِيَّا كَذَلِكَ وَإِبْرَاهِيمُ بَزَّازٌ وَدَاوُد يَصْنَعُ الدُّرُوعَ وَسُلَيْمَانُ يَصْنَعُ الْمَكَاتِلَ مِنْ الْخُوصِ وَنَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَعَى الْغَنَمَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ بَزَّازًا وَعُمَرُ يَعْمَلُ فِي الْأَدِيمِ وَعُثْمَانُ تَاجِرًا وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ، فَإِنَّ أَطْيَبَ مَا يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ قِيلَ كُلُّ قَادِرٍ يَتْرُكُ الِاكْتِسَابَ، فَإِنَّ مَا يَأْكُلُهُ مِنْ دِينِهِ ثُمَّ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْكَسْبِ فَكَسْبُهُ السُّؤَالُ حَتَّى لَوْ لَمْ يَسْأَلْ فَمَاتَ أَثِمَ لِتَرْكِهِ الْفَرْضَ وَلَا يَزِيدُ عَلَى قُوتِ يَوْمٍ كَمَا فِي حَاشِيَةِ خَوَاجَهْ زَادَهْ (ثُمَّ قَالَ) فِي الِاخْتِيَارِ تَوْسِيطُهُ إمَّا لِكَوْنِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ مُتَأَخِّرًا عَنْ السَّابِقِ أَوْ لِلْإِيذَانِ بِأَنَّ فِيمَا بَعْدَهُ الْعُمْدَةَ مِنْ نَقْلِ الْكَلَامِ (فَإِنْ تَرَكَ الِاكْتِسَابَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ مِقْدَارَ الْكِفَايَةِ (وَسِعَهُ) أَيْ جَازَ لَهُ التَّرْكُ جَوَابٌ أَنَّ لِحُصُولِ الْفَرْضِ بِدُونِهِ فَيَحْسُنُ لَهُ حِينَئِذٍ الِاشْتِغَالُ بِوَظَائِف الْعِبَادَاتِ وَالتَّفَرُّغِ عَنْ الْكَسْبِ لِاكْتِسَابِ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ
وَاخْتُلِفَ فِي أَنَّهُ هَلْ الْكَسْبُ لِأَجْلِ التَّصَدُّقِ أَفْضَلُ أَوْ التَّفَرُّغُ لِلطَّاعَةِ بَعْدَ حُصُولِ قَدْرِ الْوَاجِبِ قَالَ فِي التتارخانية جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْكَسْبِ سَوَاءٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ الزِّرَاعَةُ أَفْضَلُ وَقِيلَ التِّجَارَةُ وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ وَالْمَنْقُولُ عَنْ الْمُنْتَقَى أَفْضَلُ الْكَسْبِ الْجِهَادُ ثُمَّ التِّجَارَةُ ثُمَّ الْحِرَاثَةُ ثُمَّ الصِّنَاعَةُ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْأَوْرَعُ أَنْ لَا يُجِيبَ دَعْوَةَ الَّذِي أَخَذَ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً وَدَفَعَ عَلَى هَذَا وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَأْكُلَ طَعَامَهَا؛ لِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ فَاسِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - انْتَهَى فَالْأَوْرَعُ أَنْ يَجْتَنِبَ عَنْ الْمُزَارَعَةِ إذْ الِاحْتِيَاطُ فِي الْإِنْفَاقِ إلَّا بِضَرُورَةٍ إذْ الْخِلَافُ رُخْصَةٌ وَتُرْتَكَبُ الرُّخْصَةُ بِتَرْكِ الْعَزِيمَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ.
(وَقَالَ: وَإِنْ اكْتَسَبَ مَا يَدَّخِرُهُ) يُبْقِيهِ (لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ) إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ وَيَجْعَلُهُ ذُخْرًا وَمُعَدًّا لِلَوَازِمِهِ الْآتِيَةِ (فَهُوَ فِي سَعَةٍ)

اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 141
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست