responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 140
بِالْقِيَامِ فَمَنَعَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَرَخَّصَ لَهُ وَعَمِلَ بِرُخْصَتِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْحِنْثَ إنَّمَا يَلِيقُ عِنْدَ كَوْنِ الْيَمِينِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ كَعَدَمِ التَّكَلُّمِ مَعَ الْأَبِ وَتَرْكِ الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَلَفَ يَمِينًا وَرَأَى خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ بِاَلَّذِي هُوَ خَيْرٌ ثُمَّ لِيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا.
وَلَا شَكَّ أَنَّ صَوْمَ الدَّهْرِ وَإِتْمَامَ قِيَامِ اللَّيْلِ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ قُلْنَا لَعَلَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُخْتَصٍّ بِالْمَعْصِيَةِ بَلْ يَجْرِي بَيْنَ الْفَاضِلِ وَالْمَفْضُولِ وَتَمْثِيلُهُمْ بِالْمَعْصِيَةِ لَا يُوجِبُ الِاخْتِصَاصَ وَيُشْعِرُهُ لَفْظُ خَيْرًا مِنْهَا فِي الْحَدِيثِ وَيُؤَيِّدُهُ تَفْسِيرُ الْمُنَاوِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ بِقَوْلِهِ مَنْ حَلَفَ يَمِينًا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَفْضَلُ إلَى آخِرِهِ فَالْكَلَامُ مَعَ الْأَفْضَلِيَّةِ هَيِّنٌ بِمُلَاحَظَةِ مَا سَبَقَ
بَقِيَ أَنَّ ظَوَاهِرَ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ إنَّمَا يَنْفِي جَانِبَ الْإِفْرَاطِ وَالْمَطْلُوبِ أَيْ الِاقْتِصَادُ إنَّمَا يَتَأَدَّى بِنَفْيِ جَانِبِ التَّفْرِيطِ أَيْضًا فَلَا تَقْرِيبَ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ نَفْيَ التَّفْرِيطِ مَعْلُومٌ مِنْ عَامَّةِ كُتُبِ الشَّرْعِ وَأَنَّهُ لَا اشْتِبَاهَ فِي نَفْسِ هَذَا الْجَانِبِ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى بَيَانِهِ فَمَا يَلْتَزِمُ إثْبَاتُهُ هُوَ جَانِبُ نَفْيِ الْإِفْرَاطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(أَقْوَالُ الْفُقَهَاءِ) أَيْ هَذِهِ أَقْوَالُ الْفُقَهَاءِ الْوَارِدَةُ فِي حَقِّ الِاقْتِصَادِ لَعَلَّ هَذَا إمَّا دَلِيلٌ آخَرُ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ أَوْ مُرَاعَاةٌ لِمَرْتَبَةِ الْخَوَاصِّ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلِمَرْتَبَةِ الْعَوَامّ بِتَقْلِيدِ الْأَئِمَّةِ أَوْ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٌ بِأَنَّ الِاحْتِجَاجَ بِالْأَدِلَّةِ وَظَائِفُ الْمُجْتَهِدِينَ، وَأَمَّا الْمُقَلِّدُ فَوَظِيفَتُهُ لَيْسَ إلَّا أَقْوَالَ الْمُجْتَهِدِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ تَقْدِيمُ النُّصُوصِ؛ لِأَنَّهَا كَالْمُقَدِّمَاتِ وَالْمَبَادِئِ لِأَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ الَّتِي هِيَ كَالنَّتَائِجِ.
(قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ) شَرْحِ الْمُخْتَارِ لِمُصَنِّفِهِ (لَا تَجُوزُ الرِّيَاضَةُ بِتَقْلِيلِ الْأَكْلِ حَتَّى يَضْعُفَ عَنْ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ) ؛ لِأَنَّهُ يَرْتَكِبُ إلَى مَنْفَعَةٍ قَلِيلَةٍ مُؤَدِّيَةٍ إلَى مَضَرَّةٍ كَثِيرَةٍ، فَإِنَّ الرِّيَاضَةَ أَيْ تَعْلِيمَ النَّفْسِ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ غَايَتُهَا دَرْكُ فَضِيلَةٍ مَنْدُوبَةٍ فَلَوْ بُولِغَتْ إلَى أَنْ تَضْعُفَ الْقُوَى وَيَطْرَأَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى قِيَامِ الصَّلَاةِ مَثَلًا لَأَدَّتْ إلَى تَعْطِيلِ ذَلِكَ الْفَرْضِ، وَأَمَّا تَجْوِيعُ النَّفْسِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُعْجِزُ وَلَا يُضْعِفُ عَنْ أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ فَأَمْرٌ اسْتِحْبَابِيٌّ يَقْوَى بِهِ عَلَى الطَّاعَةِ.
«قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» «لِمُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَا مُعَاذُ» «إنَّ نَفْسَك» اُخْتُلِفَ فِي حَقِيقَةِ النَّفْسِ اخْتِلَافًا عَظِيمًا لَكِنْ لَعَلَّ الْمُرَادَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ هَذَا الْهَيْكَلُ الْمَخْصُوصُ بِشَرْطِ حُلُولِ الرُّوحِ بِهِ وَهِيَ الَّتِي يُعَبِّرُ كُلُّ أَحَدٍ عَنْهَا بِقَوْلِهِ أَنَا وَهِيَ الْمُكَلَّفَةُ بِالتَّكْلِيفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَلِذَلِكَ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ «مَطِيَّتُك» الْمَطِيَّةُ دَابَّةٌ تَمْطُو أَيْ تُسْرِعُ فِي سَيْرِهَا؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْوُجُودِ بِهَا وَأَنْتَ تَحْمِلُ الطَّاعَةَ عَلَيْهَا وَهِيَ عَامِلَةٌ لَك فِي مَصَالِحِك الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ فَيَجِبُ عَلَيْك رِعَايَتُهَا وَصِيَانَتُهَا بِمَا يُقَوِّيهَا، فَإِنْ لَمْ تُرَاعَ خَرِبَ الْبَدَنُ وَفَسَدَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَحِلُّ بِهِ رُوحُهُ فَتَهْلَكَ «فَارْفِقْ بِهَا» بِقَضَاءِ حَوَائِجِهَا وَبِمُحَافَظَةِ مَا يُوجِبُ اسْتِمْرَارَهَا عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهَا لَا عَلَى قَدْرِ وَرَاءِ حَاجَتِهَا «وَلَيْسَ مِنْ الرِّفْقِ أَنْ تُجِيعَهَا» مِنْ الْجُوعِ وَذَلِكَ بِتَتَابُعِ الصِّيَامِ مَثَلًا «وَتُذِيبَهَا» مِنْ أَذَابَ يُذِيبُ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى هَلَاكِهَا لَا مُطْلَقَ الْإِجَاعَةِ وَفِي الْعَطْفِ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ إذْ الْإِذَابَةُ إنَّمَا تُتَصَوَّرُ فِي الْمُبَالَغَةِ وَأَنَّ أَصْلَ الْجُوعِ مَمْدُوحٌ وَإِدَامَةَ الشِّبَعِ مَذْمُومَةٌ فَالْمُرَادُ التَّوَسُّطُ وَالِاقْتِصَادُ (لِأَنَّ تَرْكَ الْعِبَادَاتِ لَا يَجُوزُ) مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا (فَكَذَا مَا يُفْضِي إلَيْهِ) أَصْلُهَا أَوْ كَمَالُهَا، وَقَدْ قَرَّرَ فِي الْفِقْهِيَّةِ

اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 140
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست