اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 90
ومن الإنصاف أن نقول: أن -مؤسسات التربية الحديثة- التي أقيمت على النمط الأوربي -رغم حديثها عن القدرات العقلية- إلا أنها من الناحية العملية تهمل القدرات العقلية ولا تنمي إلا "القدرة على الحفظ"، وذلك بسبب عاملين: الأول، النشأة الأولى للعاملين بها في محاضن البيئة العربية، والإسلامية التقليدية التي اعتادت على إهمال القدرات العقلية المبدعة، والاقتصار على قدرة الحفظ. والثاني، أزمة الحرية الفكرية التي تعاني منها المجتمعات المعاصرة في البيئات المذكورة.
فالمؤسسات التربوية التقليدية، والحديثة يتشابهان في إهمال القدرات العقلية المبدعة، ولا يهتمان إلا بالقدرة على الحفظ والاستظهار. ويتضح ذلك من أمرين: الأول، اقتصار العناية على السرد والرواية من المدرس والحفظ من الطالب. وما يسرده المدرس هو من خارج واقع المجتمع الحاضر وبعيدا عن مشكلاته. ففي مؤسسات التربية الحديثة "يقص" المعلم أو الدكتور على الطلبة سير العلماء، والرواد الغربيين ومنجزاتهم في ميادين العلم والتربية والاجتماع. وفي المؤسسات التربوية الإسلامية يقص "الشيخ" أو"الشيخ الدكتور" على الطلبة سير الآباء ومنجزاتهم.
والأمر الثاني، أن الطلبة في كلا النظامين يقومون بدور المستمعين الذين يسلخون من أعمارهم حوالي ربع قرن، أو ثلثه أو نصفه وهم يعيدون ويكررون ما يروى لهم من الأساتذة، ولا يطلب منهم إلا استظهار ما يسمعونه، ولا يتهيأ لهم فرص التطبيق والتحليل أو التفكر والتدبر والفقه. ووقوف مؤسسات التربية المذكورة -في تربية القدرات العقلية- عند القدرة على الحفظ أو الاستظهار وقصورها عن العمليات العقلية العليا يفرز آثارا سلبية أهمها:
1- عجز الإنسان الذي تخرجه هذه المؤسسات عن "التفاعل" مع أبناء مجتمعه، والإسهام في حشد الطاقات لصالح الجميع. ولذلك فهو عاجز عن التفاهم والحوار المتبادل، وتقتصر قدراته التواصلية عند الحديث من
اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 90