اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 510
والناظر في نشأة الأمة المسلمة على يد الرسول -صلى الله عليه وسلم- يجد أنها -منذ الأيام الأولى- حملت سمات العالمية في تكوينها. فالطليعة التي اعتنقت الإسلام، وكونت العامود الفقري في الأمة المسلمة آنذاك لا يمكن أن تنسب إلى الجنس العربي؛ لأنها كانت - بما فيها الرسول نفسه- تحمل في دمائها سمات العالمية من خلال الهجرات القديمة واختلاط العناصر. كذلك فإن دم إبراهيم الكلداني يجري إلى ولده إسماعيل مختلطا بدم المصرية هاجر، ثم يختلط دم إسماعيل هذا بدماء قبيلة جرهم اليمنية، ليكون ما عرف باسم -العرب المستعربة.
وإلى جانب العرب العاربة، والعرب المستعربة -أو العرب بالتجنس- ضمت الأمة المسلمة -الوليدة الفارسي والرومي والحبشي، وجمعت بين الأحرار والعبيد، والأغنياء، والفقراء. وفي كتب التفسير والسيرة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذكر للمسلمين أن العروبة ليست فيهم من أب وأم، وإنما هي اللغة، وإنه ذكر أن سلمان أول ثمار الفرس، وصهيب أول ثمار الروم، وبلال أول ثمار الحبشة[1].
ولقد استمرت مسيرة الحضارة الإسلامية -بعد عصر النبوة- تحمل صفة العالمية في تركيبها الاجتماعي، ونشاطاتها الحضارية حيث أسهم في بنائها العربي والفارسي والتركي، والرومي والهندي والكردي والإفريقي وغيرهم من الأجناس، والأعراق الذين تكاملت جهودهم في جميع الميادين.
ولكن سياسات -التعرب بعد الهجرة كما يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- وسلبيات العصبية القبلية التي ارتد إليها طلقاء مكة بقيادة الأمويين ومن حذا حذوهم، ثم إفرازات الشعوبية التي صاحبتها، كدرت المسيرة العالمية للأمة المسلمة، وكانت عاملا أساسيا في تشويه بنيتها والانتهاء بها إلى المرض ثم الانهيار. [1] الطبري، التفسير، ج22، ص96.
اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 510