اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 502
نظمها الزراعية التقليدية التي كانت توفر الغذاء للسكان المحليين، ثم استأجرت أراضيها لرزاعة منتوجات مترفة غير رئيسية كالموز والكاكاو والدخان، بالإضافة إلى قطع أشجار الغابات فيها من أجل صناعة الأخشاب العالمية، وهذا كله جلب الفقر والجفاف وأفقر التربة في القارتين المذكورتين، أضف إلى ذلك ما قامت به الدول الاستعمارية التي تنفذ سياسات الشركات الدولية من إفساد نظم التربية في العالم الثالث، وتحويل جماهيره من التربية الزراعية والمهنية إلى جماهير عاطلة مكدسة في دوائر حكومية لا حاجة لها[1]. ويبدو أن السياسات الدولية التي تنتهجها الدول القوية -بعد انتهاء فترة الحرب الباردة في أوائل التسعينات- أخذت تتجه لتطبيق آراء المدرسة الواقعية التي تفترض أن يد الله مغلولة، وأن الواجب هو تطبيق عمليات الوأد الجماعي خشية الفقر، والإملاق في الكرة الأرضية.
والخلاصة أن برامج التربية الدولية الجارية تتعثر تعثرا كبيرا خاصة، وأن اليونسكو -التي ترعى الاتجاه المثالي- قد تعرضت منذ عقد الثمانينات بسبب هذا الاتجاه إلى هزات شديدة حيث انسحبت منها الولايات المتحدة وبريطانيا، وقطعتا عنها حصتهما في المزانية إلى أن استقال أمينها العام -آنئذ- السيد
أحمد بامبو.
والواقع أن أخطر نقاط الضعف في مفاهيم التربية الدولية القائمة أنها تضع الإنسان في غير مكانته، وتنطلق به من غير طبيعته. فالمدرسة المثالية تضعه في منزله أرقى من منزلته الحقيقة: منزلة العبد المخلوق الذي يحتاج إلى إرشاد الخالق وتوجيهه. فالإنسان -مهما تسامى- لا بد أن يكون لتساميه نفع مرتقب كالثواب الذي يعد به الدين، وأن يكون لسقوطه مسئولية كالعقوبات الدنيوية، والأخروية التي يهدد بها الدين كذلك. كذلك تفتقر الفلسفات المثالية
إلى الأساليب، والوسائل الفعالة لتنفيذ ما تدعو إليه وتبشر [1] Francis Moor Loppe & Joseph Collins, Food First, "Boston: Houghton Kifflin Co, 1977".
اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 502