اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 433
الميراث الممثل باقتسام الغنائم ومناطق النفوذ. وإلى هذه النهاية يشير قوله -صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها". فقال قائل: أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: "بل أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل. ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن"، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: "حب الدنيا وكراهية الموت" [1].
والقرآن يدرج تداعي الأمم الغازية وما يرافق زحفها من إعلان لوفاة الأمة الميتة تحت اسم "الصيحة" التي تنتهي بالأمة الميتة إلى -نفس النهاية- نهاية الغثاء:
{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [المؤمنون: 41] .
و"الحق" الذي جرت الصيحة طبقا له هو إشارة إلى السنن، والأقدار التي تحدد مسارات الأمم ومصائرها. و"الغثاء" في اللغة معناه القذى والوسخ والقش.
وفي الحديث هنا يشير إلى نفايات البشرية من بقايا الأمة الميتة التي تنسحب من تيار الحياة البشرية لتتكلس على ضفافه. و"نزع المهابة" من صدور الأعداء، و"قذف الوهن" في قلوب المستضعفين الأذلاء نتائج عمل سنن الله، وقوانينه في الاجتماع البشري تعبر عنها الآية المشار إليها بصيغة: {فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} أي إبعادا لأنظمة الظلم وإداراته، ومؤسساته وقادته ورعاياه وجيوشه، وبوليسه وأجهزة مخابراته وجميع ممارساته. فالأمة التي تجبن أن تقول للظالم: يا ظالم ولا تصلح آثار الظلم يبعث الله عليها: {الصَّيْحَةُ} أو هدير الغزاة وآلاتهم الحربية ليقوموا بما وهنت الأمة عن [1] أبو داود، السنن، كتاب الملاحم.
مسند أحمد، جـ5، ص278.
اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 433