اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 394
ثم جاءت الضربة القاصمة على أيدي بني أمية وبني العباس، إذ لم يقتصر الأمر على إخضاع رجال القوة رجال الشريعة، وإنما اختفى مصدر هائل من مصادر الفكر السياسي في الإسلام.
هذا المصدر هو -خطب الرسول صلى الله عليه وسلم- التي كان يخطبها أيام الجمعة، وخطب -الصلاة جامعة- التي كان يعالج بها القضايا العامة الكبرى حين يستدعي الأمر المعالجة الحاسمة السريعة. ومثلها -خطب- الخليفة أبي بكر، وخطب الخليفة عمر. وكلها خطب تغطي حقبة زمنية طويلة تتألف من "10" عشرة سنوات أيام الرسول -صلى الله عليه وسلم، وسنتين أيام أبي بكر، وعشرة سنوات أيام عمر، أي ما يزيد على "1500" ألف وخمسمائة خطبة.
وجميعها خطب كانت تنصب على شئون الاجتماع والسياسة، والاقتصاد والإدارة والعلاقات بين الحاكم والمحكوم، وبين فئات المحكومين أنفسهم، فأين هذه الخطب الجامعة؟ وهل استعصى جمعها على رجال الحديث الذين دونوا الأحاديث التي تناولت حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتفاصيل علاقاته في غرف نومه مع زوجاته وأسرته؟ لماذا لم نتسلم من هذه الخطب إلا نتفا وإشارات تاريخية؟ إن التفسير الوحيد الذي نرجحه، في ضوء مواقف معاوية مع أمثال عبادة بن الصامت وأبي ذر الغفاري، ومواقف الحجاج الثقفي مع أمثال سعيد بن جبير، وإعدامه لمئات العلماء المعترضين على السياسات المطلقة لبني أمية، ومواقف أبي جعفر المنصور، والمأمون من أمثال سفيان الثوري وأبي حنيفة والشافعي، وأحمد بن حنبل، هو أن الخلفاء الأمويين والعباسيين قد منعوا رواية هذه الخطب وتدوينها وحاربوا التحدث بها وانتشارها لما فيها من تقرير لمبادئ الشورى -وليس الاستشارة- وحكم المؤسسات ورقابة الحاكم، ومساءلته ومحاكمته وإنزال القصاص به، ولما فيها من تعريض، وتنديد بسياسات الملك العضوض في الحكم والمال والإدارة، وهو ما اتصفت به أنظمة الحكم الأموي العباسي التي استمدت مفاهيمها
اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 394