اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 299
أما الأقطار التي ظلت حبيسة العصبيات الإقليمية والتجزئة السياسية -كما هو الحال في الأقطار العربية، والإسلامية ونظائرها في أفريقيا وأمريكا اللاتينية- فقد انتفى منها "الإيواء الإنساني"، واضطر علماؤها وطلابها، وشعوبها إلى الهجرة
طلبًا للخبز والأمان. وانتفى منها "الإيواء الأمني"، فانهزمت أمام التحديات العسكرية التي طرقتها من خارج، واضطرت قياداتها والعناصر المؤهلة فيها إلى الهروب، واللجوء الساسي بسبب نزاعاتها، وفتنها التي نشبت في الداخل، وانتفى "الإيواء الاقتصادي"، فهاجرت الأموال ورحلت الصناعات، والتجارات
والأعمال، وانتفى "الإيواء الوظيفي"، فتمزقت كفاءاتها في الأقطار المتقدمة. وبالتالي انتهت جميع محاولاتها في البناء الحضاري إلى العجز والإعياء، والسقوط قبل أن تصل إلى غاياتها المطلوبة.
أهمية الإيواء:
واستنادًا إلى معاني -الإيواء- ومظاهره التي مرت يتضح دور الإيواء، وأهميته في
الأمة التي يوجهها روح هذا العنصر. وتتجلى هذه الأهمية فيما يلي:
أولًا: الأمة التي يوجه الحياة فيها عنصر -الإيواء- أمة مفتوحة الأبواب للمؤمنين من جميع الأجناس. فليس هناك حواجز مادية، ولا عوائق قانونية مما تفرزه روابط الدم والإقليم. بل تكون جنسية المسلم هي عقيدته. وبها -فقط- تتحدد مكانته الاجتماعية، وتتيسر إقامته ونشاطاته.
ثانيًا: الأمة التي يوجه الحياة فيها عنصر -الإيواء- يتكامل اقتصادها، وتتوحد مواردها. والرسول -صلى الله عليه وسلم- يجعل هذه الوحدة إحدى العلامات المميزة للأمة المسلمة فيقول: "ليس منا من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم" [1]. وإذا كانت تطبيقات الحديث قد تركزت في مجتمع المدينة النبوي على علاقات الجوار الفردي والأسري، فإن هذه التطبيقات تتسع -بعد [1] مسند أحمد، جـ1.
اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 299