اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 148
العالمية، ويخاطبون الإنسانية بأحسن مما عندها علما وفكرا وأدبا. تحتاج الرسالة الإسلامية إلى مؤسسات تربوية ومفاهيم، وتطبيقات تربوية جديدة تتعايش مع المفاهيم الجديدة للعلم التي تحكم على الأشياء بنتائجها المحسوسة وثمراتها العلمية. ومفهوم العلم هذا هو المناسب للإسلام، بل نحن نجد أدلة محسوسة لما يعطيه الإيمان للناس المؤمنين من الطمأنينة، والتخفيف من الشقاء، والعذاب الذي يعاني منه من لا يؤمن بالله واليوم الآخر. بل إن العلم بالآخرة صار في قوة العلم التجريبي -كما يقول الأستاذ جودت سعيد- وصار مجاله أوسع، فبدل أن يكون هذا المجال هو غرفة المختبر الذي تستخدم فيه الأنابيب، والقناني تحول إلى مختبر الكون الفسيح، وأحداثه التاريخية والاجتماعية. وهذا ما يلائم المنهج الإسلامي الذي يطلب إلى العالم أن يسير في الأرض، ويتبع التطور الذي يعتري الكائنات والظواهر والأحداث ابتداء من خلقها، وتكوينها حتى واقعها، واحتمالات تطورها الأخرى:
{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ} [العنكبوت: 20] .
فالذي تهدف إليه التربية الإسلامية -إذن- هو أن يقدم الإيمان إلى الناس بالصورة التي يقدم بها علم الجغرافيا، أو الفلك أو الكيمياء أو الفيزياء، وبذلك يصير الإيمان علما. {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19] .
ولكن التعليم الذي تقدمه المؤسسات التربوية في العالم الإسلامي لا يبث في الفرد اكتساب ملكة البحث، وكشف القوانين. وهي لا توحي للدارس أن العلم قابل للزيادة، ولا تحثه على طلب المزيد منه. بل إنها توحي أنها ورثت العلم كاملا فلا يمكن المزيد عليه، وأن البحث انتهى مع "الآباء" الذين لم يتركوا شيئًا إلا بحثوه وفهموه، وليس على الدارس إلا أن يتملق علمهم ويتغنى بإطرائهم. وبذلك تعكس هذه المؤسسات معنى قوله تعالى:
اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 148