responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني    الجزء : 1  صفحة : 146
عنده. ويحتاج كذلك أن نعيد النظر في مفهوم العلم، وتصنيف المتعلمين فلا نسمح بالدخول في حرم العلم، إلا لأولي الألباب من الأذكياء الموهوبين؛ لأنهم وحدهم القادرون على التسخير، وإبراز معجزة الرسالة في ميدان العلم.
كذلك الحضارة لا تكون -أبدًا- ضد الرسالة، وإن من أهداف الرسالة أن تنقل الإنسان من التخلف إلى الحضارة. بل إن الحضارة مقدمة ممهدة لمجيء المثل الأعلى -أي المبدأ الديني- وذلك ما يراه المؤرخ البريطاني توينبي Toynbee حين ذكر أن الحضارة الرومانية بأمنها، وطرق مواصلاتها ورقي مؤسساتها كانت مقدمة سارت عليها الفكرة المسيحية التي حملها المبشرون على الطرق الرومانية الآمنة، حتى جعلوا روما نفسها مركز الكنيسة. فإذا كان العلم معجزة الرسالة في الآفاق، والأنفس فإن الحضارة تقدم وسائل الاتصال والتبليغ الملائمة للوصول إلى المجتمع البشري المعاصر للرسالة.
وإن العلاقة بين القدرات العلمية التي تفرز الحضارة، وبين إرادة المثل الأعلى سببية طردية. فالقدرات العلمية هي التي ترفع درجة إرادة المثل الأعلى عند الإنسان، ثم تعود الإرادة إلى طلب مزيد من القدرة العلمية، ثم تحدث القدرة مزيدا من الإرادة. وهكذا يستمر التأثير المتبادل بين الاثنين، ويكون من ذلك تقدم العلم
الذي هو العامل الرئيسي في تقدم الإرادات والمجتمعات.
وإن التقهقر في الحضارات لا يحدث حين ينتشر العلم، ويتمتع الناس بثماره -كما يشاع بين بعض المؤرخين الذين ينظرون في المضاعفات، ويغفلون عن الأسباب الحقيقية. بل يحدث التقهقر حين تفشل نظم التربية في تنشئة أجيال لا يكون واضحا لديها أمر العلاقة بين القدرات التسخيرية، وبين إرادة المثل الأعلى -أو المبدأ الديني- فيزهدون في العلم ويعبثون بثماره أو يقتصرون على جانب منه، فتبقى الإرادة عزلى عن قدرتها وتبدأ في

اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني    الجزء : 1  صفحة : 146
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست