اسم الکتاب : الكبائر المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 237
وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الله الله فِي أَصْحَابِي لَا تتخذوهم غَرضا بعدِي فَمن أحبهم فبحبي أحبهم وَمن أبْغضهُم فببغضي أبْغضهُم وَمن آذاهم فقد آذَانِي وَمن آذَانِي فقد آذَى الله وَمن آذَى الله أوشك أَن يَأْخُذهُ أخرجه التِّرْمِذِيّ فَفِي هَذَا الحَدِيث وَأَمْثَاله بَيَان حَالَة من جعلهم غَرضا بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسبهم وافترى عَلَيْهِم وعابهم وكفرهم واجترأ عَلَيْهِم وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الله الله) كلمة تحذير وإنذار كَمَا يَقُول المحذر النَّار النَّار أَي احْذَرُوا النَّار وَقَوله (لَا تتخذوهم غَرضا بعدِي) أَي لَا تتخذوهم غَرضا للسب والطعن كَمَا يُقَال اتخذ فلَان غَرضا لسبه أَي هدفاً للسب) وَقَوله (فَمن أحبهم فبحبي أحبهم وَمن أبْغضهُم فببغضي أبْغضهُم) فَهَذَا من أجل الْفَضَائِل والمناقب لِأَن محبَّة الصَّحَابَة لكَوْنهم صحبوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونصروه وآمنوا بِهِ وعزروه وواسوه بالأنفس وَالْأَمْوَال فَمن أحبهم فَإِنَّمَا أحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحب أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنوان محبته وبغضهم عنوان بغضه كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث الصَّحِيح حب الْأَنْصَار من الْإِيمَان وبغضهم من النِّفَاق وَمَا ذَاك إِلَّا لسابقتهم ومجاهدتهم أَعدَاء الله بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَذَلِكَ حب عَليّ رَضِي الله عَنهُ من الْإِيمَان وبغضه من النِّفَاق وَإِنَّمَا يعرف فَضَائِل الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم من تدبر أَحْوَالهم وسيرهم وآثارهم فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبعد مَوته من الْمُسَابقَة إِلَى الْإِيمَان والمجاهدة للْكفَّار وَنشر الدين وَإِظْهَار شَعَائِر الْإِسْلَام وإعلاء كلمة الله وَرَسُوله وَتَعْلِيم فَرَائِضه وسننه ولولاهم مَا وصل إِلَيْنَا من الدين أصل وَلَا فرع وَلَا علمنَا من الْفَرَائِض وَالسّنَن سنة وَلَا فرضاً وَلَا علمنَا من الْأَحَادِيث وَالْأَخْبَار شَيْئا فَمن طعن فيهم أَو سبهم فقد خرج من الدين ومرق من مِلَّة الْمُسلمين لِأَن الطعْن لَا يكون إِلَّا عَن اعْتِقَاد مساويهم وإضمار الحقد فيهم وإنكار مَا ذكره
اسم الکتاب : الكبائر المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 237