وقد قيل: ((إن حبس اللحظات أيسر من دوام الحسرات))
ثم إن غض البصر يورث أنسا بالله، وقوة في القلب وفرحا، كما أن إطلاقه يضعفه ويحزنه، وغض البصر ـ أيضا ـ يكسب القلب نورا وثباتا وشجاعة، وفراسة صادقة، كما أنه يسد على الشيطان مدخله من القلب [2].
15 ـ البعد عن المعشوق المحبوب:
فمن أنجع السبل، وأنفع الأدوية للتخلص من هذا الداء ـ أن يبتعد المبتلى به عن معشوقه، ومن يحرك كوامن الشهوة فيه، بحيث لا يراه ولا يسمع كلامه؛ فالابتعاد عنه وصرمه وتجرع غصص الهجر ـ أهون بكثير من الاسترسال معه والزلفى منه؛ فالبعد جفاء، والقرب بلاء وشقاء، فالقرب يضرم نار الوجد بين الجوانح، كما قال الشاعر:
تزودت من ليلى بتكليم ساعة ... فما زاد إلا ضعف ما بي كلامها 3
أما البعد والتسلي واليأس وقطع الأمل فإنه يفيد في علاج هذا الأمر، ((فكل بعيد عن البدن يؤثر بعده في القلب، فليصبر على مضض الشوق في بداية البعد صبر المصاب في بداية مصيبته، ثم إن مر الأيام يهون الأمر.
قال زهير بن الحباب الكلبي:
إذا ما شئت أن تسلو حبيبا ... فأكثر دونه عدد الليالي
فما سلى حبيبك غير نأي ... ولا أبلى جديدك كابتذال
وقال امرؤ القيس:
وإنك لم تقطع لبانة عاشق
...
بمثل غدو أو رواح مأوب 5
1 الجواب الكافي ص 218. [2] انظر الجواب الكافي ص 251 ـ 255، وانظر الداء العضال للأخ عبد الحميد السحيباني.
3 انظر الآداب الشرعية 3/126 وانظر ديوان مجنون ليلى ص 194.
4 انظر ذم الهوى لابن الجوزي ص 473.
5 ديوان امرىء القيس ص 39، وانظرذم الهوى ص 473.