ذهابه، وإما أن تضع قدرا وجاها قيامه خير من وضعه، وإما أن تسلب نعمة بقاؤها ألذ وأطيب من قضاء الشهوة، وإما أن تطرق لوضيع إليك طريقا لم يكن يجدها قبل ذلك، وإما أن تجلب هما وغما وحزنا وخوفا لا يقارب لذة الشهوة، وإما أن تنسي علما ذكره ألذ من نيل الشهوة، وإما أن تشمت عدوا وتحزن وليا، وإما أن تقطع الطريق على نعمة مقبلة، وإما أن تحدث عيبا يبقى صفة لا تزول؛ فإن الأعمال تورث الصفات والأخلاق))
4 ـ مجاهدة النفس، ومخالفة الهوى:
فمجاهدة النفس، ومخالفة الهوى من أعظم الأسباب المعينة على ترك الفواحش والشرور، والذي يجاهد نفسه في ذات الله ـ عز وجل ـ فليبشر بالخير والهداية، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (العنكبوت:69)
فعلى من وقع في تلك الفاحشة أن يقدع نفسه، ويكفها عن شهواتها، وألا يسترسل معها في غيها، وإلا نزعت به إلى شر غاية.
فالنفس طلعة ومطالبها كثيرة، ورغباتها لا تقف عند حد، وصدق من قال:
والنفس إن أعطيتها مناها
...
فاغرة نحو هواها فاها
ومن قال:
إذا المرء أعطى نفسه كل ما اشتهت
...
ولم ينهها تاقت إلى كل مطلب
وما أحسن قول ابن المبارك ـ رحمه الله ـ:
ومن البلايا للبلاء علامة
...
ألا يرى لك من هواك نزوع
العبد عبد النفس في شهواتها
...
والحر يشبع تارة ويجوع 2
1 الفوائد لابن القيم ص 204.
2 روضة المحبين لابن القيم ص 481.