responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الذريعة الى مكارم الشريعة المؤلف : الراغب الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 182
ومن كان اشتغاله بعمارة الأرض من بين تجارة أو مهنة فحقه أن يقتصر به من العلم على مقدار ما يحتاج إليه من هو في مرتبته في عبادة اللَّه العامية، وأن تملأ نفسه من الرغبة والرهبة الوارد بهما القرآن ولا تولد له الشُّبه والشكوك.
فإن اتفق لبعضهم اضطراب نفس إما: بانبعاث شبهة تولدت له، أو ولدها له ذو بدعة دفع إليه فتاقت نفسه إلى معرفة حقيقتها، فحقه أن يختبر أولًا، فإن وجد ذا طبع للعلم موافق وفهم ثاقب وتصور صائب خُلِّيَ بينه وبين التعلم، وسوعد عليه بما يوجد من السبيل إليه، وإن وجد شريرًا في طبعه أو ناقصًا في فهمه منع أشد المنع، ففي اشتغاله بما لا سبيل له إلى إدراكه مفسدتان:
1 - تعطله عما يعود بنفع منه إلى العباد والبلاد.
2 - واشتغاله بما يثير منه شبهة، وليس فيه له منفعة، وقد كان بعض الأمم المتقدمة إذا ترشح أحد منهم ليتخصص بمعرفة الحكم وحقائق العلوم والخروج من جملة العامة إلى الخاصة اختبر، فإن لم يوجد خيرًا في خلقه أو وجد غير متهيأ للتعلم منعه أشد المنع، وإن وجد خيرًا ومتهيأ للتعلم شورط على أن يقيد بقيد في دار الحكمة.
ويمنع أن يخرج حتى يحصل له العلم أو يأتي عليه الموت، ويزعمون أن من شرع في حقائق العلوم، ثم لم يبرع فيها تولدت له الشبهة وكثرت فيصير ضالّا مضلًّا فيعظم على الناس ضرره وبهذا النظر قيل: نعوذ باللَّه من نصف متكلم.
وجوب ضبط المتصدين للعلم ومضرة إهمال ذلك
لا شيء أوجب على السلطان من مراعاة المتصدين للرياسة بالعلم، فمن الإخلال بها ينتشر الشر ويكثر الأشرار، ويقع بين الناس التباغض والتنافر، وذلك أن السواس أربعة:
الأنبياء: وحكمهم على الخاصة والعامة ظاهرهم وباطنهم.
والولاة: وحكمهم على ظاهر الخاصة والعامة دون باطنهم.
والحكماء: وحكمهم على بواطن الخاصة.
والوعاظ: وحكمهم على بواطن العامة.
وصلاح العالم بمراعاة أمر هذه السياسات لتخدم العامة الخاصة، وتسوس الخاصة العامة، وفساده في عكس ذلك، ولما تركت مراعاة المتصدي للحكمة والوعظ،

اسم الکتاب : الذريعة الى مكارم الشريعة المؤلف : الراغب الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 182
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست