اسم الکتاب : الذريعة الى مكارم الشريعة المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 134
بقاء بلا فناء، وقدرة بلا عجز، وعلم بلا جهل، وغنًى بلا فقر، وأمن بلا خوف، وراحة بلا شغل، وعز بلا ذل.
وإلى العقل أشار بقوله تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ) .
فمعنى نور السموات والأرض أي منور السموات والأرض، والنور هو العقل، وقد تقدم وجه ضرب هذا المثل.
والعقل يقال على ضربين:
أحدهما: بغير إضافة وهو المذكور بأنه أول مخلوق،
والثاني: بالإضافة إلى آحاد الناس، فيقال: عقل فلان. وهو من الأول بمنزلة الضوء من الشمس.
أنواع العقل
العقل عقلان: غريزي، وهو القوة المتهيئة لقبول العلوم، ووجوده في الطفل كوجود النخلة في النواة، والسنبلة في الحبة. ومستفاد: وهو الذي تتقوى به تلك القوة، وهذا المستفاد ضربان:
ضرب يحصل للإنسان حالًا فحالًا بلا اختيار منه فلا يعرف كيف
حصَّله ومن أين حصَّله.
وضرب باختيار منه فيعرف كيف حصله ومن أين حصَّله
وحصوله بقدر اجتهاده في تحصيله. ولكون العقل غريزيًّا ومستفادًا.
قال أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه -: " العقل عقلان: مطبوع ومسموع، ولا ينفع مسموع إذا لم يك مطبوع "
كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع، وإلى الأول أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: " ما خلق اللَّه تعالى خلقًا أكرم عليه من العقل "،
وإلى الثاني أشار بقوله - صلى الله عليه وسلم - لعلي - رضي الله عنه -: " إذا تقرب الناس إلى خالقهم بأبواب البر، فتقرب إليه أنت بعقلك تسبقهم بالدرجات والزلفى عند اللَّه والناس في الدنيا والآخرة "
وقال: " ما اكتسب أحد شيئًا أفضل من عقل يهديه إلى
اسم الکتاب : الذريعة الى مكارم الشريعة المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 134