responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوابين المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 74
بِالنِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ وَالْمَاشِيَةِ فَلَمَّا لَقِيتُهُمْ قُلْتُ: الْيَوْمَ يُرَى أَثَرِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
فَلَمَّا لَقِينَاهُمْ حَمَلُوا الْحَمْلَةَ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ: {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 26] . وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ وَجَرَّدَ سَيْفَهُ فَاقْتَحَمْتُ عَنْ فَرَسِي وَبِيَدِي السَّيْفُ صَلْتًا قَدْ كَسَرْتُ جَفْنَهُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي أُرِيدُ الْمَوْتَ دُونَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيَّ.
وَأَخَذَ الْعَبَّاسُ بِلِجَامِ الْبَغْلَةِ فَأَخَذْتُ بِالْجَانِبِ الآخَرِ فَقَالَ: "مَنْ هَذَا؟ " فَقَالَ الْعَبَّاسُ: أَخُوكَ وَابْنُ عَمِّكَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ فَارْضَ عَنْهُ أَيْ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "قَدْ فَعَلْتُ فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ كُلَّ عَدَاوَةٍ عَادَانِيهَا" فَأَقْبَلَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: "أَخِي لَعَمْرِي".
ثُمَّ أَمَرَ الْعَبَّاسَ فَقَالَ: نَادِ يَا أَصْحَابِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ يَا أَصْحَابِ السَّمُرَةِ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ يَا لَلأَنْصَارِ يَا لَلْخَزْرَجِ فَأَجَابُوا: لَبَّيْكَ دَاعِيَ اللَّهِ.
وَكَرُّوا كَرَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ قَدْ حَطَّمُوا الْجُفُونَ وَشَرَعُوا الرِّمَاحَ وَخَفَضُوا عَوَالِيَ الأَسِنَّةِ وَأَرْقَلُوا إِرْقَالَ: الْفُحُولِ.
فَرَأَيْتُنِي وَإِنِّي لأَخَافُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شُرُوعَ رِمَاحِهِمْ حَتَّى أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَقَدَّمْ فَضَارِبِ الْقَوْمَ" فَحَمَلْتُ حَمْلَةً أَزَلْتُهُمْ عَنْ مَوْضِعِهِمْ وَتَبِعَنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُدُمًا فِي نُحُورِ الْقَوْمِ مَا يَأْلُو مَا تَقَدَّمَ فَمَا قَامَتْ لَهُمْ قَائِمَةٌ حَتَّى طَرَدْتُهُمْ قَدْرَ فَرْسَخٍ وَتَفَرَّقُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ.
وَرُوِيَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم يؤمئذ وَمَا مَعَهُ إِلا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ فَأَتَيْتُهُ حَتَّى أَخَذْتُ بِحَكَمَةِ بَغْلَتِهِ وَكُنْتُ رَجُلا صَيِّتًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَبَّاسُ! اصْرُخْ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ يَا أَصْحَابَ السَّمُرَةِ".
فَنَادَيْتُ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ! يَا أَصْحَابَ السَّمُرَةِ قَالَ: فَأَقْبَلُوا كَأَنَّهُمُ الإِبِلُ إِذَا حَنَّتْ إِلَى أَوْلادِهَا يَقُولُونَ: يَا لَبَّيْكَ! يَا لَبَّيْكَ!.
وَرُوِيَ أَنَّهُمْ عَطَفُوا عَطْفَةَ الْبَقَرِ عَلَى أَوْلادِهَا قَدْ شَرَعُوا الرِّمَاحَ حَتَّى إِنِّي لأَخَافُ عَلَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِمَاحَهُمْ أَشَّدَ مِنْ خَوْفِي رِمَاحَ الْمُشْرِكِينَ يَؤُمُّونَ الصَّوْتَ يَقُولُونَ: يَا لَبَّيْكَ! يَا لَبَّيْكَ!.
قَالَ: وَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ وَهُوَ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ وَهُوَ آخِذٌ بِثَغْرِ بَغْلَةِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ هَذَا؟ " قَالَ: ابْنُ أُمِّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَيُقَالُ إِنَّهُ قَالَ: أَخُوكَ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ.

اسم الکتاب : التوابين المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست