responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوابين المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 73
عَنِّي بِوَجْهِهِ إِلَى النَّاحِيَةِ الأُخْرَى فَتَحَوَّلْتُ إِلَى نَاحِيَةِ وَجْهِهِ الأُخْرَى فَأَعْرَضَ عَنِّي مِرَارًا فَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ وَقُلْتُ: أَنَا مَقْتُولٌ قَبْلَ أَنْ أَصِلَ إِلَيْهِ! وَأَتَذَكَّرُ بِرَّهُ وَرَحِمَهُ فَيُمْسِكُ ذَلِكَ مِنِّي وَقَدْ كُنْتُ لا أَشُكُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ سَيَفْرَحُونَ بِإِسْلامِي فَرَحًا شَدِيدًا لِقَرَابَتِي بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَأَى الْمُسْلِمُونَ إِعْرَاضَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِّي أَعْرَضُوا عَنِّي جَمِيعًا فَلَقِيَنِي ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ مُعْرِضًا عَنِّي وَنَظَرْتُ إِلَى عُمَرَ يُغْرِي بِي رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ لِي: يَا عَدُوَّ اللَّهِ! أَنْتَ الَّذِي كُنْتَ تُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُؤْذِي أَصْحَابَهُ قَدْ بَلَغْتَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فِي عَدَاوَتِهِ فَرَدَدْتُ بَعْضَ الرَّدِّ عَنْ نَفْسِي وَاسْتَطَالَ عَلَيَّ وَرَفَعَ صَوْتَهُ حَتَّى جَعَلَنِي فِي مِثْلِ الْحَرَجَةِ مِنَ النَّاسِ يُسِرُّونَ بِمَا يُفْعَلُ بِي.
قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَمِّي الْعَبَّاسِ فَقُلْتُ: يَا عَمِّ! قَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَفْرَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْلامِي لِقَرَابَتِي وَشَرَفِي وَقَدْ كَانَ مِنْهُ مَا رَأَيْتَ فَكَلِّمْهُ فِيَّ لِيَرْضَى عَنِّي قَالَ: لا وَاللَّهِ لا أُكَلِّمُهُ كَلِمَةً أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي رَأَيْتُ إِلا أَنْ أَرَى وَجْهًا إِنِّي أُجِلُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهَابُهُ.
فَقُلْتُ: يَا عَمِّ! إِلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ قَالَ: هُوَ ذَاكَ.
قَالَ: فَلَقِيتُ عَلِيًّا فَكَلَّمْتُهُ فَقَالَ: لِي مِثْلَ ذَلِكَ.
فَرَجَعْتُ إِلَى الْعَبَّاسِ فَقُلْتُ: يَا عَمِّ! فَكُفَّ عَنِّي الرَّجُلَ الَّذِي يَشْتِمُنِي قَالَ: صِفْهُ لِي فَقُلْتُ: هُوَ رَجُلٌ آدَمُ شَدِيدُ الأُدْمَةِ قَصِيرٌ دَحْدَاحٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ شَحَّةٌ قَالَ: ذَاكَ نُعَيْمَانُ بْنُ الْحَارِثِ النَّجَّارِيُّ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا نُعَيْمَانُ! إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنُ أَخِي وَإِنْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاخِطًا عَلَيْهِ فَسَيَرْضَى عَنْهُ فَكُفَّ عَنْهُ فَبَعْدُ لأْيٍ مَا كُفَّ وَقَالَ: لا أُعْرِضُ لَهُ.
قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَخَرَجْتُ فَجَلَسْتُ عَلَى بَابِ مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رَاحَ إِلَى الْجُحْفَةِ وَهُوَ لا يُكَلِّمُنِي وَلا أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَجَعَلْتُ لا يَنْزِلُ مَنْزِلا إِلا أَنَا عَلَى بَابِهِ وَمَعِي ابْنِي جَعْفَرٌ قَائِمٌ فَلا يَرَانِي إِلا أَعْرَضَ عَنِّي.
فَخَرَجْتُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ حَتَّى شَهِدْتُ مَعَهُ فَتْحَ مَكَّةَ وَأَنَا فِي خَيْلِهِ الَّتِي تُلازِمُهُ حَتَّى نَزَلَ الأَبْطَحَ فَدَنَوْتُ مِنْ بَابِ قُبَّتِهِ فَنَظَرَ إِلَيَّ نَظَرًا هُوَ أَلْيَنُ مِنْ ذَلِكَ النَّظَرِ الأَوَّلِ وَرَجَوْتُ أَنْ يَبْتَسِمَ.
وَدَخَلَ عَلَيْهِ نِسَاءُ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَدَخَلَتْ مَعَهُنَّ زَوْجَتِي فَرَقَّقَتْهُ عَلَيَّ.
وَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَأَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ لا أُفَارِقُهُ عَلَى حَالٍ حَتَّى خَرَجَ إِلَى هَوَازِنَ فَخَرَجْتُ مَعَهُ وَقَدْ جُمِعَتِ الْعَرَبُ جَمْعًا لَمْ تُجْمَعْ مِثْلَهُ قَطُّ وَخَرَجُوا

اسم الکتاب : التوابين المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 73
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست