اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 68
بينهما، فلا علم بلا عمل ولا عمل بلا علم. وقال بعض الحكماء: "مثل العلم بلا عمل كمثل الشجرة بلا ثمر والرعد والبرق بلا مطر والقوس بلا وتر". وسئل ابن شهاب: "أيهما أفضل: العلم أو العمل؟ فقال: العلم لمن جهل والعمل لمن علم".
قد أشار القرآن الكريم إلى نبي الله داود عليه السلام {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ} . ومن المعروف أن داود عليه السلام كان يصنع الدروع بإلانة الحديد فكان أول من صنع الدروع. وقد سبق أن أشرنا إلى ذلك.
والعلم في الإسلام لا بد أن يرتبط بالعمل لدرجة أن الإسلام ينظر إلى الإيمان على أنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما وقر في القلب وصدقه العمل". فالعمل إذن ثمرة المعرفة والعلم ولا قيمة لمعرفة أو علم لا يستفاد منه بالعمل. ويقول الإمام الغزالي في رسالته "أيها الولد المحب": "فلو قرأ رجل مائة ألف مسألة علمية وتعلمها ولم يعمل بها لا تفيده إلا بالعمل". وتشبه هذه العبارة عبارة أخرى تقول: "لو قرأت العلم مائة سنة وجمعت ألف كتاب لا تكون مستعدا لرحمة الله إلا بالعمل" و"العلم بلا عمل جنون والعمل بغير علم لا يكون" ويقول الغزالي في مكان آخر: "إن العلم والعمل مفتاح السعادة الأبدية".
ويعتبر الغزالي أن عدم العمل والعلم انحراف؛ لذا يحذر منه لأنه تسيير للأمور في غير مجراها، ولأن صاحبه يندرج تحت علماء السوء. ويورد الماوردي في كتابه "أدب الدنيا والدين" قول سفيان الثوري بأنه مكتوب في التوراة "يابن آدم حرك يدك يسبب لك رزقك" أي أن كسب الرزق وتحصيله إنما يكون بالعمل لا بالتواكل ... وهو ما سبق أن أشرنا إليه وأكده الإسلام.
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 68