اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 55
والمنازعة وغير ذلك من أوصاف الحيوانات، والملائكة في العقل والعلم وعبادة الرب والصدق والوفاء ونحو ذلك من الأخلاق الشريفة. وهكذا اجتمعت له القوتان وتحققت فيه الصفتان الدنيوية والآخروية حتى يصلح لعمارة الأرض وخلافة الله وعبادته.
وقد ضرب أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لذلك ثلاثة أمثال فقال: إن مثل الدنيا والآخرة ككفتي الميزان لا تترجح إحداهما إلا بنقصان الأخرى، وكالمشرق والمغرب كل من قرب من أحدهما بعد عن الآخر، وكالضرتين إذا أرضيت إحداهما أسخطت الأخرى، ولذلك يرى قوم أكياسا في تدبير الدنيا بلهاء في تدبير الآخرة وقوم أكياسا في أمور الآخرة بلهاء في أمور الدنيا، حتى قال عليه الصلاة والسلام "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت" "الأصفهاني: الذريعة إلى أحكام الشريعة ص96". وبلوغ الكمال والتمام في العقل والخلق أمر صعب عسير ولذلك يقع الإنسان في الذنب والخطأ مهما كانت درجته، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما منا نبي إلا أذنب أو هم".
ويبين الله في كتابه العزيز أن الغاية المستهدفة من خلق الإنسان هي الخلافة في الأرض. وفي توضيح معنى الخلافة في تحقيقه لكتاب النشأتين وتحصيل السعادتين للراغب الأصفهاني يقول الدكتور عبد المجيد النجار "ص105": "والخلافة هي الخلافة عن الله بمعنى القيام في الأرض بتطبيق أوامره ونواهيه التي تجتمع كلها عند تحقيق مصلحة الإنسان الشاملة عبر التفاعل مع الكون بما يؤدي إلى الترقي الروحي عقلا وفضيلة، الترقي المادي باستثمار الكون في الأغراض المادية بهذا المعنى، فإن الخلافة تتم بالعبادة جهادا للنفس وجهادا للتعمير، ويتحقق نقع الإنسان في الدنيا والآخرة.
وقد أوجد كل ما في الكون من أجل الإنسان ومن أجل نفعه ومصلحته وراحته وخدمته. وأباح الله الانتفاع بهذه النعم جميعا {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} . فللإنسان أن ينتفع بكل ما في العالم في غذائه ودوائه وملبوساته ومشموماته ومركوباته وزينته والالتذاذ بصورته ورؤيته والاعتبار به واستفادة علم منه والاقتداء بفعله فيما يستحسن منه
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 55