اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 438
التعليم العالي:
هو ما يسميه درجة العلوم العالية، ويقصد به اشتغال الإنسان بعلم مخصوص يتبحر فيه بعد تحصيله علوم المبادئ والتجهيزات "أي علوم الابتدائي والثانوي" ويضرب أمثلة لذلك بعالم الفقه والطبيب والفلكي والجغرافي والمؤرخ. ويطالب الطهطاوي طالب هذا النوع من التعليم بأن "يجول في أصوله وفروعه غاية الجولان حتى يكون كالمجتهد فيه".
وهو يعتبر تعليما معدا لأرباب السياسات والرئاسات وأهل الحل والعقد في الممالك والحكومات. ولذلك يذهب الطهطاوي إلى أن يقتصر هذا النوع من التعليم على أناس قلائل اشترط فيهم الطهطاوي أن يكونوا من أصحاب الثروة واليسار وهو أمر قد يبدو غريبا من الطهطاوي إلا أنه يبرر ذلك بأن الغنى لا يضر تفرعه للعلوم العالية بالمملكة. ويستطرد قائلا: "فمن الخطر على من له صناعة يتعيش منها وينتفع بها الناس أن يترك هذه الصناعة ليدخل في دائرة معالي المعارف التي لا تصلح أن تكون له بضاعة ولا ينبغي أن يرخص للتلاميذ المتعلمين العلوم الأولية والثانوية أن ينتظموا في سلك أرباب المعارف القصوى إذا كانت في حقهم قليلة الجدوى".
وهذه العبارة الأخيرة للطهطاوي يمكن أن يفهم منها أنه يجوز أن يلتحق بالتعليم العالي من كان قادرا على الاستفادة منه وهو رأي تربوي سليم بمعايير العصر.
أخلاق المعلمين والمتعلمين:
يورد الطهطاوي في كلامه عن أخلاق المعلمين مما رواه الثعالبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير الناس وخير من يمشي على جديد الأرض المعلمون". وهو يذهب مذهب جمهور علماء المسلمين في جواز أن يأخذ المعلم أجرا على التعليم استنادا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله تعالى" ويورد قول بعض العلماء إنه ينبغي للمعلم أن يرغب المتعلمين في التحصيل ويدلهم على مكانته ويصرف عنهم الهموم المشغلة لهم ويهون عليهم مؤنته ويذكرهم بما حصله من الفوائد والغرائب وينصحهم في الدين فبذلك يستنير قلبهم ويزكو علمهم "المرجع السابق ص738-739". وهو يردد آراء سابقيه ممن كتبوا في التربية الإسلامية فيقول إن صلة المعلم بتلاميذه يجب أن تقوم على الحب وأن يجريهم منه مجرى أبنائه وأن يكون بهم عطوفا وعليهم صبورا لما يبدو منهم من سوء السلوك. وهو يورد مختلفة الآراء في العقاب ويتشدد في عدم ضرب التلاميذ لأن الضرب مضر بهم. فضلا عن أنه خروج على حدود الشرع، وأجاز الضرب للأب إذ يجوز له أن يضرب ابنه لتأديبه. وهو في هذا يخالف من كتب قبله عن التربية الإسلامية وأباحوا الضرب للمعلم تحت شروط متشددة كما سبق أن أشرنا.
وهو يكرر ما ذهب إليه الغزالي من الإذن للصبي باللعب دون إجهاد وفي بعض الأوقات. ويكرر نفس عباراته بأن يكون لعبا جميلا غير متعب لهم، ليستريحوا من كلفة الأدب. ويكرر قوله عن فوائد اللعب بقوله بأنه رياضة تروح النفس وتحرك الحرارة الغريزية وتحفظ الصحة وتنفي الكسل وتطرد البلادة وتبعث النشاط وتزكي النفس، فإن النفس تمل من الدءوب في الجد وترتاح إلى بعض المباح من اللهو "محمد عمارة: 1973 ص393".
ويؤكد الطهطاوي على ضرورة احترام الصبي لأستاذه وأن يدعو له كلما شرع في قراءة درس وبعد الانتهاء منه، كما أوجب الطاعة على الصبي لأستاذه إلا في معصية الخالق إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وعلى الصبيان أن يسمعوا أقوال معلمهم وأن ينتصحوا بها.
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 438