اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 425
أدت إلى مفارقات ثقافية بين العرب المسلمين وإخوانهم العرب المسيحيين: فقد انحصرت الفرص التعليمية أمام العرب المسلمين في الكتاتيب والمدارس القديمة أو المدارس الرسمية التي كانت تعلم باللغة التركية في حين أن إخوانهم المسيحيين أسسوا مدارس خاصة بهم وجعلوا اللغة العربية لغة التعليم بها. ولهذا السبب انتشر التعليم العربي الحديث بين المسيحيين قبل المسلمين. ولهذا السبب أيضا كان معظم الكتاب والمؤلفين والخطباء الذين ظهروا في الولايات العربية في العهد العثماني مسيحيين بالرغم من قلة عدد هؤلاء بالنسبة إلى المسلمين.
وقد لعبت المدارس الأجنبية دورا تأثيريا مماثلا. فقد تأسست هذه المدارس في أول الأمر على أيدي الإرساليات الدينية والجماعات التبشيرية. وكانت كل إرسالية من هذه الإرساليات تعتمد على دولة من الدول الأجنبية، وتصبح بذلك واسطة لنشر لغة تلك الدولة بجانب تعليم العلوم المختلفة من جهة وتعلم اللغة العربية لاجتذاب العرب إليها من جهة أخرى.
وكانت فرنسا أنشط الدول الأجنبية في هذا المضمار لأنها اعتبرت نفسها حامية الكاثوليك كما كانت روسيا القيصرية حامية الأرثوذكس وأسست لها مدارس في الشام وهو ما أشرنا إلى تفصيله في الكلام عن الحركة التبشيرية.
وقد أشرنا إلى أن اللغة التركية كانت اللغة الرسمية في المدارس والدواوين في البلاد العربية باعتبارها لغة أصحاب السلطان. وكانت اللغة عربية تعيش غريبة في وطنها وكانت تدرس كلغة أجنبية حتى غلبت عليها العجمة. وقد استمر نفوذ اللغة التركية حتى أخذت البلاد العربية في الاستقلال عن الدول العثمانية. وكانت مصر أسبق الدول العربية في ذلك. ومع ذلك ظل نفوذ اللغة التركية فيها قويا واستمرت تدرس باهتمام حتى سنة 1888 عندما أصبحت لغة إضافية تدرس اختياريا لمن يرغب في دراستها.
تطور التربية الإسلامية في إفريقيا جنوب الصحراء:
للإسلام تاريخ طويل في إفريقيا وهو يرجع إلى القرن السابع الميلادي عندما انتشر الإسلام في شمال إفريقيا. وبعدها في القرن الثامن بدأ الإسلام في الانتشار في باقي أنحاء إفريقيا عن طريق التجارة في السودان والغرب الإفريقي
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 425