اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 418
التبشيرية صورة أخرى للحروب الصليبية انتقلت منها المعركة إلى قلب الوطن العربي الإسلامي ذاته وقد فصلنا الكلام عن ذلك في تناولنا للحركة التبشيرية.
وكانت الصهيونية صورة أخرى للحروب الصليبية استهدفت إيجاد جسم غريب دائم يعمل على استنزاف طاقات العالم العربي الإسلامي ويشتت جهوده ويحول دون تقدمه. وقد عملت الحركة الصهيونية منذ نشأتها على يد هرتزل في نهاية القرن التاسع عشر على تزييف حقائق الإسلام وتشويهها في كل الموسوعات التاريخية والثقافية في الغرب كما شوهت الصورة العربية في أعين الأوربيين وغيرهم. وقد انتهى الأمر بالصهيونية إلى خلق كيان لها في الوطن العربي. ووجودها يفرض على البلاد العربية تحديا حضاريا خطيرا تلعب التربية والتعليم الدور الرئيسي في تحديد النتيجة النهائية له، فقد أثبت هذا التحدي أن العبرة ليست بكم البشر وأن على الدول العربية أن تأخذ بالأسلوب الحضاري الشامل إذا كان عليها أن تثبت وجودها أمام هذا التحدي الخطير.
الدعوة إلى العامية واستخدام الحروف اللاتينية:
بدأت الدعوة إلى العامية بدل الفصحى في مصر في يناير 1893 عندما ألقى المهندس الإنجليزي وليم ويلكوكس محاضرة في نادي الأزبكية كان موضوعها: لماذ لا توجد الآن لدى المصريين قوة الابتكار؟ زعم فيها أن قوة الابتكار تأتي من قوة الفكر التي يرثها الفرد عن أبيه ومن قوة الخيال التي يرثها عن أمه. وقال: إن أهم عائق يمنع المصريين من الابتكار أنهم يؤلفون ويكتبون باللغة العربية الفصحى، ولو أنهم ألفوا وكتبوا بالعامية لصاروا مبتكرين. واستدل على ذلك بأن الإنجليز لم يكونوا مبتكرين عندما كانوا يؤلفون باللاتينية فلما اختاروا لغة الفلاحين وكتبوا بها صاروا مبتكرين. وضرب مثالا بشكسبير وبيكون. وقد قام ويلكوكس بترجمة الإنجيل إلى اللغة العامية المصرية، كما ألف كتبا بالعامية المصرية أيضا وكان يوزعها مجانا على الناس. وللأسف أن الدعوة العامية رغم ما فيها من شر مستطير لا يخفى على العين فإنها قد وجدت آذانا مصغية تستجيب لها.
وقد ردد سلامة موسى في مجلة "الهلال" دعوة "ويلكوكس" إلى العامية
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 418