اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 403
الجاري على أساليبهم من القرآن والحديث، وكلام السلف، ومخاطبات فحول العرب في أسجاعهم وأشعارهم وكلمات المولدين أيضا في سائر فنونهم، حتى يتنزل لكثرة حفظه لكلامم من المنظوم والمنثور منزلة من نشأ بينهم ولقن العبارة عن المقاصد منهم. ثم يتصرف بعد ذلك في التعبير عما في ضميره على حسب عبارتهم، وتأليف كلماتهم، وما وعاه وحفظه من أساليبهم وترتيب ألفاظهم، فتحصل له هذه الملكة بهذا الحفظ والاستعمال، ويزداد بكثرتها رسوخا وقوة. ويحتاج مع ذلك في التعبير عما في ضميره على حسب عبارتهم، وتأليف كلماتهم، وما وعاه وحفظه من أساليبهم وترتيب ألفاظهم، ويزداد بكثرتهما رسوخا وقوة. ويحتاج مع ذلك إلى سلامة الطبع والتفهم الحسن لمنازع العرب، وأساليبهم في التراكيب ومراعاة التطبيق بينها وبين مقتضيات الأحوال.
ويشير ابن خلدون إلى أن مجرد معرفة قوانين النحو والإعراب لا تكون ملكة اللسان العربي ويشرح ذلك فيقول:
"فإن العلم بقوانين الإعراب إنما هو علم بكيفية العمل وليس هو نفس العمل. ولذلك نجد كثيرا من جهابذة النحاة والمهرة في صناعة العربية المحيطين علما بتلك القوانين إذا سئل في كتابه سطرين إلى أخيه أو ذي مودته أو شكوى ظلامه أو قصد من قصوده أخطأ فيها عن الصواب وأكثر من اللحن، ولم يجد تأليف الكلام لذلك والعبارة عن المقصود على أساليب اللسان العربي. وكذا تجد كثيرا من يحسن هذه الملكة ويجيد الفنين من المنظوم والمنثور، وهو لا يحسن إعراب الفاعل من المفعول، ولا المرفوع من المجرور، ولا شيئا من قوانين صناعة العربية "المقدمة ص725".
ويقارن بين أهل الأندلس وأهل المغرب في تعليم اللسان العربي فيقول: "أهل صناعة العربية بالأندلس ومعلموها أقرب إلى تحصيل هذه الملكة وتعليمها من سواهم، لقيامهم فيها على شواهد العرب وأمثالهم، والتفقه في كثير من التراكيب في مجالس تعليمهم، فيسبق إلى المبتدئ كثير من الملكة أثناء التعليم
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 403