اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 400
هو الذي يراعونه في التعليم.
إلا أنه لما كان القرآن أصل ذلك ورأسه، ومنبع الدين والعلوم وجعلوه أصلا في التعليم. فلا يقتصرون لذلك عليه فقط بل يخلطون في تعليمهم للولدان رواية الشعر في الغالب والترسل وأخذهم بقوانين العربية وحفظها وتجود الخط والكتاب، ولا تختص عنايتهم في التعليم بالقرآن دون هذه بل عنايتهم فيه بالخط أكثر من جميعها، إلى أن يخرج الولد من عمر البلوغ إلى التشبيبة وقد شدا بعض الشيء في العربية والشعر والبصر بهما. وبرز في الخط والكتاب وتعلق بأذيال العلم على الجملة لو كان فيها سند لتعليم العلوم. لكنهم ينقطعون عند ذلك لانقطاع سند التعليم في آفاقهم، ولا يحصل بأيديهم إلا كما حصل من ذلك التعليم الأول، وفيه كفاية لمن أرشده الله تعالى واستعداد إذا وجد العلم. أما أهل إفريقية فيخلطون في تعليمهم للولدان القرآن بالحديث في الغالب، ومدارسة قوانين العلوم وتلقين بعض مسائلها إلا أن عنايتهم بالقرآن، واستظهار الولدان إياه، ووقوفهم على اختلاف رواياته، وقراءاته أكثر مما سواه، وعنايتهم بالخط تبعا لذلك. وبالجملة فطريقتهم في تعليم القرآن أقرب إلى طريقة أهل الأندلس، لأن سند طريقتهم في ذلك متصل بمشيخة الأندلس الذين أجازوا عند تغلب النصارى على شرق الأندلس، واستقروا بتونس، وعنهم أخذ ولدانهم بعد ذلك.
وأما أهل المشرق فيخلطون في التعليم كذلك على ما بلغنا ولا أدري بم عنايتهم منه. والذي ينقل لنا أن عنايتهم بدراسة القرآن وصحف العلم وقوانينه في زمن التشبيبة ولا يخلطون بتعليم الخط، بل لتعليم الخط عندهم قانون ومعلمون على انفراده، كما نتعلم سائر الصنائع، يتداولونها في مكاتب الصبيان. وإذا كتبوا لهم الألواح فبخط قاصر عن الإجادة. ومن أراد تعلم الخط فعلى ما يسنح له بعد ذلك من الهمة في طلبه ويبتغيه من أهل صنعته.
فأما أهل إفريقية والمغرب فأفادهم الاقتصار على القرآن القصور عن ملكة اللسان جملة، وذلك أن القرآن لا ينشأ عنه في الغالب ملكة كما أن البشر
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 400