responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير    الجزء : 1  صفحة : 374
10- ألا يطلب المعلم على العلم أجرا وإنما يقصد به ابتغاء وجه الله. وقد عيب على الغزالي هذا الرأي من جانب دارسي التربية الإسلامية لأنه رأي لا يتفق مع الواقع بل إنه في هذا الرأي خالف سابقيه من علماء المسلمين الذين قالوا بجواز أخذ أجر عن التعليم، بل اعتبروا ذلك ضرورة لنشر العلم بين الناس وهو ما يتضح من عرضنا السابق لآراء ابن سحنون والقابسي. والأدلة التاريخية أيضا تدحض هذا الرأي للغزالي فقد كان المعلمون يحصلون على أجر بالفعل نظير قيامهم بتعليم الصبيان.
ويروي عن ابن مسعود قوله: ثلاث لا بد للناس منهم: أمير يحكم بينهم ولولاه لأكل بعضهم بعضا وشراء المصاحف وبيعها ولولاه لقل كتاب الله، ومعلم يعلم أولادهم ويأخذ على ذلك أجرا ولولا ذلك لكان الناس أميين. ويروى أيضا أن سعد بن مالك قد مر برجل من العراق يعلم أبناءهم الكتاب بالمدينة ويعطونه الأجر. ويروي عن مالك قوله: لا بأس بما يأخذ العلم على تعليم القرآن وإن اشترط شيئا كان حلالا جائزا ولا بأس بالاشترط في ذلك. وهذه كلها أمثلة تؤكد استحقاق المعلم للأجر على اشتغاله بالتعليم. ولعل الغزالي متأثر في هذا الرأي بما ورد لدى أفلاطون الذي كان يؤمن بنفس الرأي وعاب على السفسطائيين في عصره أنهم يأخذون أجرا على التعليم. وقد انتقد آخرون هذا الرأي لأفلاطون واعتبر رأيا مثاليا لا يتفق مع واقع المجتمع ولا واقع الاشتغال بالتعليم كمهنة. الغريب أن الغزالي نفسه أباح أخذ الأجر لمعلم العلوم غير الدينية مثل الحساب والطب فكيف يحرمه على الآخرين.
كما أننا في كلامنا السابق عن أجر المعلم أشرنا إلى قول الغزالي بأن يأخذ المعلم ما يكفيه ليفرغ قلبه عن المعيشة وليتجرد لنشر العلم فيكون مقصوده نشر العلم وثواب الآخرة ويأخذ الرزق بكلفة وميسرة للمقصود أي مساعدة له على العيش والحياة. وقد شرحنا هناك السبب في اختلاف الرأيين. وأرجعناه إلى أن تحريم أخذ العلم للأجر يقصد به الأجر من المتعلمين أما أخذ الأجر كمهنة من أولي الأمر فلا حرج فيه.

اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير    الجزء : 1  صفحة : 374
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست