اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 366
الغزالي وديكارت وكانط:
الغزالي سابق لديكارت الفيلسوف الفرنسي المعروف بما يزيد عن خمسة قرون وسابق لكانط الفيلسوف الألماني المعروف الذي أشرنا إليه بما يقرب من سبعة قرون. ومن المعروف عن ديكارت أسلوبه الفلسفي الذي يقوم على الشك المنهجي للوصول إلى اليقين. وأثر عنه عبارته المشهورة في ذلك "أنا أفكر.. إذن أنا موجود" CAGITO ERGO SUM وهو الأسلوب الذي حاول الدكتور طه حسين استخدامه في دراسته المثيرة للجدل عن الأدب الجاهلي.
وهناك رأي يقول بأن ديكارت تأثر في شكله المنهجي بالغزالي. كما أن كانط في دعوته التي تقوم على نقد العقل وبيان عجزه وقصوره عن إدراك الحقيقة الإلهية متأثر أيضا بالغزالي. ولهذا الرأي ما يبرره فقد كانت علوم المسلمين هي الغذاء العقلي لأوربا ومفكريها وعلمائها وجامعاتها آنذاك.
وقد أشرنا في مكان آخر من هذا الكتاب إلى ما يقوله محمد إقبال في كتابه عن التجديد الديني في الإسلام إلى أن الفكر الأوربي أتى عليه حين من الدهر تلقى فيه وحي النهضة من العالم الإسلامي وأن الثقافة الأوربية في جانبها الفعلي ليست إلا إزدهارا لبعض الجوانب الهامة في ثقافة الإسلام. ومن الثابت المعروف أن كثيرين من علماء الغرب من أمثال "روجر بيكون" مدينون فيما حصلوه من العلوم للعلماء المسلمين وللجامعات الإسلامية في الأندلس. ويقول محمد إقبال إن القسم الخامس من كتاب "روجر بيكون" cepus maius الذي خصصه للبحث في البصريات هو في حقيقة الأمر نسخة من كتاب "المناظر" لابن الهيثم "965م-1039م" وكتاب بيكون في جملته شاهد ناطق على تأثره بابن حزم. وقد سبق أن أشرنا في هذا الكتاب إلى تأثير كثير من علماء الغرب بأفكار علماء المسلمين ومنهجهم التجريبي.
المعرفة عند الغزالي:
تناول الغزالي الكلام عن المعرفة ولها في نظره صفتان رئيسيتان:
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 366