اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 351
ومن أخلاق العلماء الصلاح والهداية وحسن الخلق والسلوك وحسن المعاملة فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "أهلك أمتي رجلان عالم فاجر وجاهل متعبد". فقيل: يا رسول الله أي الناس أشر؟ فقال: "العلماء إذا أفسدوا".
ومن أخلاق العلماء وآدابهم أن يكون لهم فراسة يتوسم بها المتعلم ليعرف مبلغ طاقته وقدر استحقاقه ليعطيه ما يتحمله بذكائه أو يضعف عنه ببلادته.
ومن أخلاق العلماء التأدب مع رجال الحكم والسلاطين. فبعضهم تكون له رغبة في العلم لفضيلة نفسه وكرم طبعه فلا يجعل ذلك كما يقول الماوردي ذريعة في الانبساط عند الإدلال عليه بل يعطيه ما يستحقه بسلطانه وعلو يده. فإن للسلطان حق الطاعة والإعظام وللعالم حق القبول والإكرام. ثم لا ينبغي أن يبتدئه إلا بعد الاستدعاء ولا يزيد على قدر الاكتفاء. فربما أحب بعض العلماء إظهار علمه للسلطان فأكثره. فصار ذلك ذريعة إلى ملله ومفضيا إلى بعده فإن السلطان منقسم الأفكار مستوعب الزمان فليس له في العلم فراغ المنقطعين إليه ولا صبر المنفردين به. وقد حكى الأصمعي رحمه الله قال: قال لي الرشيد: يا عبد الملك. أنت أعلم منا ونحن أعقل منك. فلا تعلمنا في ملا ولا تسرع في تذكيرنا في خلا. واتركنا حتى نبتدئك بالسؤال. فإذا بلغت من الجواب قدر الاستحقاق فلا تزد إلا أن نستدعي ذلك منك. وانظر إلى ما هو ألطف في التأديب، وأنصف في التعليم وأبلغ بأوجز لفظ غاية التقويم. لكن على العالم أن يحذر اتباع أولي السلطان فيما يجانب الدين ويضاد الحق موافقة لرأيهم ومتابعة لهواهم. فربما زلت أقدام العلماء في ذلك رغبة أو رهبة فضلوا وأضلوا مع سوء العاقبة وقبح الآثار.
ويذكر الماوردي من آداب العلماء أيضا تنزيه أنفسهم عن شبهة المكاسب والقناعة بالميسور عن كد المطالب فإن شبهة المكتسب إثم وكد الطالب ذل. والأجر أجدر به من الإثم والعز أليق به من الذل. ذلك أن لذة العلم فوق كل لذة. وقد قال بعض البلغاء من تفرد بالعلم لم توحشه خلوة ومن تسلى بالكتب لم تفته سلوة ومن أنسه قراءة القرآن لم توحشه مفارقة الإخوان.
ويذكر الماوردي من آداب العلماء رأيا هو موضع جدل بل ومخالف لما
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 351