responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير    الجزء : 1  صفحة : 328
فكيف نوفق إذن بين قوله هذا وبين ما سبق أن أشرنا إليه من قوله بأن بعض الناس أخيار بالطبع؟ وهو يدلل على صحة المقدمة الأولى بما جاءت به الشرائع السماوية لهداية الخلق وتوجيههم وبما هو واقع ومشاهد في العيان من وجوب التأديب ونفعه وتأثيره في الأحداث والصبيان. ويستدل على صحة المقدمة الثانية بأننا لا نروم أبدا تغيير شيء مما هو بالطبع. فلا أحد يروم تغيير حركة الحجر في سقوطه إلى أعلى بدلا من سقوطه إلى أسفل. ولو رامه ما صح له تغيير شيء منه ولا يجوز منه ولا مما يجري مجراه.
ومن الواضح أن ابن مسكويه ويتبعه الغزالي في ذلك لا يقول بفطرية الخلق أو الأخلاق كما ذهب الفلاسفة المثاليون ولا يقول بأن الأخلاق كلها مكتسبة كما يقول الفلاسفة التجريبيون والوصفيون. وإنما تجمع الأخلاق بين هذا وذاك "انظر الإحياء. ج3 ص59" ويرى ابن مسكويه أن مسئولية تهذيب الأخلاق تقع على الفرد نفسه فهو المسئول عن أفعاله وأعماله. وهو الذي يستطيع أن يغير طبعه ويشذبه ويهذبه. وهو يرى أن المبادئ والمعايير الخلقية تكتسب بالتأديب والتعليم. وليس هناك في فطرة الإنسان ما يمنعه عن هذا الاكتساب بالتأديب والتعليم. فالأخلاق استعداد وتهيؤ لدى الإنسان. واختلاف الناس في قبول الأخلاق ترجع إلى اختلاف استعدادهم وتهيؤهم. فكل مهيأ لما خلق له. كما ترجع إلى مسئولية كل فرد في تهذيب خلقه كما أشرنا.
وهو يرى أن الإرادة أساس الفعل الأخلاقي بل إنها تعتبر شرطا رئيسيا لاعتبار الفعل أخلاقيا. فنحن نحكم على الإنسان بكونه خيرا أو شرا حسب اتجاه إرادته نحو الخير والشر. فالإنسان كائن مريد. وهو في هذا يختلف عن الكائنات الأخرى التي تحيا طبيعتها الحيوانية. ومن ثم فهي لا تتصف بصفات أخلاقية ولا تسلك وفقا لأي سلوك أخلاقي.

اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير    الجزء : 1  صفحة : 328
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست