اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 326
المسلمين. ولا بد من العيش مع الناس ومعاشرتهم والتعامل معهم حتى يظهر المرء ما لديه من فضائل. وبدون ذلك تصبح الفضائل لا قيمة لها. فكيف يطبق الإنسان العدل بدون التعامل مع البشر؟ وكيف يظهر عفته وهو بمعزل عن الناس والبشر؟ وكيف يمارس أي نوع من الفضائل ما لم يحتك بالناس ويتعامل معهم؟ فالفضيلة تتكشف بالممارسة والتعامل مع البشر. ويعرض ابن مسكويه للفضيلة الزائفة التي لا تصدر عن طبع وسجية ونفس خالصة بعيدة عن الرياء والمداهنة. فقد يعمل بعض الناس على الظهور بمظهر العدل وليسوا بعادلين، أو الظهور بمظهر العفة وليسوا بعفيفين. وقد يتظاهرون بالكرم أو السخاء وليسوا بكرماء أو أسخياء، وبالجود أو البر وليسوا من أهله. وهكذا في كل الفضائل والأخلاق الحميدة. ومن هنا كان من الضروري أن يتطابق مظهر الفضيلة مع مخبرها حتى تكون صادقة وإلا اعتبرت زائفة غير حقيقية. وكثير من الناس في واقع حياتهم يتظاهرون بما ليس من حقيقة نفوسهم الداخلية. وهم يتدرجون تحت صفات الغش والخداع والرياء والنفاق حتى لو اكتسوا بثوب الفضيلة. وقد صدق الشاعر حين قال:
ثوب الرياء يشف عما تحته ... فإذا التحفت به فإنك عار
وقال شاعر آخر:
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة ... فلا خير في ود يجيء تكلفا
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 326