اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 295
نمط المدرسة الإسلامية الأولى:
يروى أن المدارس الإسلامية الأولى بنيت على الطراز المعماري للمساجد ولم يكن يميز المدرسة عن المسجد إلا وجود الإيوان وهو قاعة الدرس بالإضافة إلى أماكن إقامة المعلمين والطلاب وما يتطلبه ذلك من مرافق خاصة. وربما يرجع ذلك إلى تداخل وظيفة المدرسة أول ظهورها بوظيفة المسجد. فقد كان يعين للمدارس مؤذنون ويقام فيها منابر للخطابة. وأقيمت فيها الصلاة كالمسجد، كما استخدمت في بعض الأغراض الأخرى للمسجد كمركز للتقاضي وفض المظالم.
وكانت المدرسة تتكون عادة من صحن أو فناء ومن إيوانات تحيط بها عليها قباب وكانت تلحق بها مكتبة. وكان برنامج الدراسة يتضمن موادا أساسية هي علوم الدين والعلوم الفرعية وهي الحساب والتاريخ والأدب.
وقد تعرض ابن بطوطة في رحلته المشهورة المسماة "تحفة المنظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" إلى إشارات عن المدارس والتعليم في البلاد التي زارها. ووصف ابن بطوطة المدرسة المستنصرية التي بناها أمير المؤمنين العباسي المستنصر بالله في بغداد عام 631هـ "1234م" وكانت أشبه بمدينة فيها أربعة أروقة يختص كل منها بمذهب خاص من مذاهب السنة وكان عدد طلابها ثلاثمائة موزعين على هذه الأروقة. وكان الطلاب يقيمون إقامة داخلية بالمدرسة. وكانت إقامتهم وتعليمهم بالمجان كما كان الطالب يعطى دينارا من الذهب في الشهر. وعندما زارها ابن بطوطة كان يدرس بها المذاهب الأربعة فيقول في وصفها: "لكل مذهب إيوان فيه المسجد وموضع التدريس وجلوس المدرس في قبة خشب صغيرة على كرسي عليه البسط ويقعد المدرس وعليه السكينة والوقار لابسا ثياب السواد معتما وعلى يمينه ويساره معيدان يعيدان كل ما يمليه. وهكذا ترتيب كل مجلس من هذه المجالس الأربعة وفي داخل هذه المدرسة حمام لطلبة ودار الوضوء. ووصف جامع دمشق المعروف بجامع بني أميه وعرض باختصار لمدرسيه ومعلميه ووصف طرقهم في التعليم وأشهر المدرسين به. وذكر أيضا مدارس الشافعية بدمشق كالعادلية والظاهرية وإن كانت مجرد إشارة إلى الأسماء فقط دون التعرض بالتفصيل لوصفها. وذكر بعض علماء مصر والإسكندرية وذكر أن مدارسها يعييها الحصر لكثرتها. وابن جبير الرحالة العربي المشهور في القرن الثاني عشر وصف مدارس بغداد وعد منها ثلاثين مدرسة وأهمها المدرسة النظامية التي أنشئت 457هـ "1065م" وتم بناؤها في عامين. وكان التلاميذ يتلقون العلم بالمجان كما كانوا يحصلون على الطعام والعناية الطبية ويأخذ كل منهم دينارا من الذهب كل شهر لنفقاته كما أشرنا سلفا. ويرجح أن النساء كن أيضا يذهبن إلى المدارس في بعض الأحوال ذلك لأننا سمعنا عن اشتغال النساء بالتدريس "جلال مظهر: 267".
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 295