اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 270
المنصور "754-775" وكانا يقومان بإلقاء دروسهما.
ويبرز الخليفة المأمون شديد الاهتمام بالتعليم والأدب، وكان يجمع من الأقاليم التابعة له كسوريا وإفريقيا ومصر ما يوجد فيها من كتب بدلا من الضرائب. وكانت مئات الجمال ترى وهي تدخل بغداد حاملة ورقا وكتبا فقط. وكانت تترجم للعربية الكتب القيمة. وكان بلاط المأمون يبدو وكأنه مجلس للعلوم والأدب أكثر من كونه مركزا للحكومة والخلافة إذ كان يتألف من الأساتذة والنقاد والمترجمين والشراح.
وكان المأمون يخلو بالحكماء ويأنس بمناظرتهم ويلتذ بمذاكرتهم إيمانا منه بأن أهل العلم هم صفوة الله من خلقه ونخبته من عبادة؛ فلهذا السبب كان أهل العلم مصابيح الدجى وسادة البشر فأوحشت الدنيا لفقدهم، بل إن المأمون لما فرض السلم على قيصر الروم طلب أن تكون الجزية مجموعة من الكتب، وازدهرت بغداد لا كعاصمة الخلافة العباسية فحسب بل كمركز للثقافة والفنون والآداب لم تشهد له البشرية مثيلا. وحملت بغداد شعلة العلم والمعرفة إلى كل ربوع آسيا: في الهندوستان تحت رعاية الغزنويين في مطلع القرن 11 على يد البيروني ولدى السلاجقة في أواخر القرن 11 على يد عمر الخيام ولدى المغول حوالي منتصف القرن 13 على يد نصر الدين الطوسي. وفي الصين حوالي أخريات القرن 13 على يد "كوشو كينج" ولدى العثمانيين في النصف الأول من القرن الرابع عشر.
وقد قامت على أنقاض الدولة العباسية دول وإمارات. وكانت مصر في العهد الفاطمي في القرن "11م" وارثة الخلافة في بغداد بعد انحطاط مركزها السياسي والفكري، وقامت إمارات آل سليمان وآل بويه الفارسية، ودول الأتراك السلاجقة والخوارزميين والمغول وامتدت الحضارة الإسلامية إلى الهند والصين وحمل الأغالبة في شمال إفريقية حضارة العرب إلى صقلية، وكذلك كانت الدولة العثمانية وريثة أيضا للدولة العباسية، وعرفت هذه الممالك الإسلامية كثيرا من الأدباء والعلماء والمفكرين الذين أسهموا في بناء صرح الإنسانية. ومن هؤلاء الفردوسي صاحب الشاهنامة، وأحد كبار الشعراء
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 270