اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 241
حق الزوجة على زوجها:
أشار الغزالي إلى صلة الرجل بالمرأة والزوج بزوجته فقال: إن سيادة البيت تكون للرجال. وبدون ذلك لا تستقيم الحياة ولا توجد السعادة. وقال: من أطاع المرأة وملكها نفسه فقد عكس القضية. إذ حق للرجل أن يكون متبوعا لا تابعا وقد أشار عز وجل إلى ذلك بقوله في سورة النساء: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} وسمي الزوج سيدا فقال تعالى في سورة يوسف: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} .
ولكن الغزالي من ناحية أخرى يعطي للمرأة حقوقا مقدسة ويفرض على الرجل واجبات يؤديها لها. ويقول الغزالي في ذلك: "ليس الخلق مع المرأة كف الأذى عنها بل احتمال الأذى منها والحلم عند طيشها وغضبها". ويأمر الغزالي الرجل بأن يكون هاشا باشا مرحا مع زوجته. فيطيب قلبها بالمزاح والمداعبة ولا يقتر عليها في الإنفاق عليها. بل يجب عليه أن يتحفها دائما بالهدايا والحلوى. كما أن عليه أن ينظر في حاجة المرأة إلى حقوق البدن وندائه. وهو أساس التحصين والعفة. كما يطالب الرجل بالاعتدال في الغيرة على زوجته ولا يبالغ في الظن والتعنت وتجسس البواطن. فهذه قاعدة السعادة والهناء في الحياة الزوجية. ذلك أن مبدأ الاعتدال في الغيرة من أسمى المبادئ بل هو أصل من الأصول المؤدية إلى هناء العش الزوجي وإطلاق النور والمحبة والصفاء في رحابه "طه عبد الباقي سرور: ص118-119".
الإنسان مدني بطبعه:
يقول الماوردي تحت هذا العنوان في أول الكلام عن باب أدب الدنيا "اعلم أن الله تعالى لنافذ قدرته وبالغ حكمته خلق الخلق بتدبيره وفطرهم بتقديره فكان من لطيف ما دبر وبديع ما قدر أن خلقهم محتاجين وفطرهم عاجزين ... ثم جعل الإنسان أكثر حاجة من الحيوان لأن من الحيوان ما يستقل بنفسه عن جنسه والإنسان مطبوع على الافتقار إلى جنسه".
ويقول ابن خلدون في أول كلامه في الباب الأول الكتاب الأول عن العمران البشري: "إن الاجتماع الإنساني ضروري ويعبر الحكماء عن هذا بقولهم الإنسان مدني بالطبع أي لا بد له من الاجتماع. وهو معنى العمران ... إلا أن قدرة الواحد من البشر قاصرة عن تحصيل حاجته من الغذاء ... ويحتاج ... في الدفاع عن نفسه إلى الاستعانة بأبناء جنسه لأن الله سبحانه لما ركب الطباع في الحيوانات كلها وقسم القدر بينها جعل حظوظ كثير من الحيوان ... أكمل من حظ الإنسان.. فلا بد في ذلك كله من التعاون عليه بأبناء جنسه "الإنسان" وما لم يكن هذا التعاون فلا يحصل له قوت ولا غذاء ولا تتم حياته.
ومن الواضح التشابه بينهما. كما أن ابن خلدون لا ينسب إلى نفسه عبارة "الإنسان مدني بالطبع" مما يوضح أنه ناقل لها من غيره.
العقل أس الفضائل:
يعتبر الماوردي العقل أصل الفضائل وأساسها. وهو ينبوع الآداب. جعله الله تعالى للدين أصلا وللدنيا عمادا فأوجب التكليف بكماله وجعل الدنيا تدبر بأحكامه. وألف به بين خلقه مع اختلاف هممهم ومآربهم وتباين أغراضهم ومقاصدهم. ويورد حديث النبي صلى الله عليه وسلم "ما اكتسب المرء مثل عقل يهدي صاحبه إلى هدى أو يرده عن ردي"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الناس أعقل الناس". وهو يقسم العقل إلى قسمين غريزي ومكتسب. والعقل الغريزي هو الفطري الذي يولد به ويميزه عن سائر الحيوان. أما العقل المكتسب فهو الذي يتكون لدى الإنسان من الخبرة والتجارب التي يمر بها في الحياة "المرجع السابق: 20". والماوردي بهذا سابق -بهذا القول- لعلماء النفس المحدثين لا سيما عالم النفس الأمريكي كاتل CATTELL الذي خرج علينا بفكرته عن الذكاء الفطري أو الطبيعي والذكاء المكتسب FLUID AND CRYSTALLIZED INTELLIGENCE في الأربعينيات من القرن العشرين وبدأت في الذيوع عام 1965 عندما جاء جون هورن JOHN HORN أحد تلاميذ كاتل في الدكتوراه وعمل على نشرها من خلال بحوثه. وهو يقول إن العقل سمي بذلك تشبيها بعقل الناقة لأن العقل يمنع الإنسان من الإقدام على شهواته إذا جبحت كما يمنع العقال الناقة من الشرود إذا نفرت. ويؤيد قوله بما ورد في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "العقل نور في القلب يفرق بين الحق والباطل".
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 241