اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 210
التأديب اللازم للأب، فهو أن يأخذ ولده بمبادئ الآداب ليأنس بها، فينشأ عليها فيسهل عليه قبولها عند الكبر، لاستئناسه بمبادئها في الصغر، لأن نشأة الصغير على الشيء تجعله متطبعا به، ومن أغفل في الصغر كان تأديبه في الكبر عسيرا. وقد روى عن النبي "صلى الله عليه وسلم": أنه قال: "ما نحل والد ولده نحلة أفضل من أدب حسن يفيد إياه أو جهل قبيح يكفه ويمنعه منه" وقال بعض الحكماء: بادروا بتأديب الأطفال قبل تراكم الأشغال وتفرق البال ... وقال بعض الشعراء:
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت ... ولا يلين إذا قومته الخشب
قد ينفع الأدب الأحداث في الصغر ... وليس ينفع عنده الشيبة الأدب
وقال آخر:
ينشو الصغير على ما كان والده ... إن الأصول عليها ينبت الشجر
وقال شاعر آخر في هذا المعنى:
وينشأ ناشئ الفتيان منا ... على ما كان عوده أبوه
وذلك لأن النفس البشرية تحتاج دائما على التطبع بالخصال الحميدة وإلا خرجت عن طبيعتها. وقد قال البوصيري في بردته المشهورة:
والنفس كالطفل إن تهمله شب على ... حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
آخر العقاب الضرب:
إن العقوبة مشروعة في الإسلام وجعل الله لنا في القصاص حياة. وقد أقر المربون المسلمون مبدأ عقاب الصبيان، لكنهم اشترطوا الرفق بهم تمشيا مع روح الإسلام التي تتسم بالرحمة والعفو. كما أن منزلة المعلم من الصبي هي منزلة الوالد. وهو مطالب أن يكون رفيقا به عادلا في عقابه غير متشدد فيه، ومن الرفق ألا يبادر المعلم إلى العقاب إلا إذا أخطأ الطفل، وإنما ينبهه مرة بعد أخرى فإذا لم ينتصح لجأ إلى العقاب. وقد نهى المربون المسلمون عن استخدام أسلوب الحرمان من الطعام والشراب في العقاب، لما له من أثر على صحة الطفل في هذه المرحلة، ونهوا المعلم عن الانتقام في العقاب، وضرب الصبيان في حالة الغضب
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 210