اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 207
الدرس والأعمال المدرسية.
والعبادات الإسلامية خير ما يعود على الطاعة والنظام، ولذا كانت ممارستها واجبة. والمعلم مطالب بتعليمها للصبيان باعتبارها أصل الفضائل وعصمة الرذائل -كما أشرنا أيضا.
ويؤكد ابن الجزار على أخذ الصبيان بالأدب منذ الصغر، لأن العادة طبيعة ثانية وقد قال أحد الفلاسفة: "إن أكثر الناس إنما أوتوا سوء مذاهبهم من عادات الصبا إذا لم يتقدمهم تأديب وإصلاح أخلاقهم وحسن سياستهم فلذلك أمرنا نحن أن يؤدب الصبيان وهم صغار لأنهم ليست لهم عزيمة تعرفهم بما يؤمرون من المذاهب الجميلة والأفعال الحميدة والطرائق المثلى، ولم تغلب عليهم بعد عادة رديئة تمنعهم من اتباع ما يراد بهم من ذلك. فمن عود ابنه الأدب والأفعال الحميدة والمذاهب الجميلة في الصغر حاز بذلك الفضيلة ونال المحبة والكرامة وبلغ غاية السعادة، ولما كان للعادة هذا التأثير الكبير وجب أن يؤدب الأطفال ويعودوا على الأشياء الجميلة وتربيتهم تربية فاضلة.
وقد قال الشاعر:
وينشأ ناشئ الفتيان منا ... على ما كان عوده أبوه
ويقول ابن الجزار القيرواني عالم القرن الثالث الهجري "التاسع الميلادي" في كتابه سياسة الصبيان وتدبيرهم: أن يؤخذ الصبيان بالأدب منذ الصغر لأنهم أسلس قيادة وأحسن مواتاة وقبولا. فإن قال لنا قائل: قد نجد من الصبيان من يقبل الأدب قبولا سهلا، ونجد منهم من هو كثير الحياء ونجد منهم من يعني بما يعلمه ويتعلمه بجد واجتهاد ونجد من هو يمل التعليم ويبغضه، وقد نجد أيضا ذوي العناية منهم وذوي العلم من إذا مدح تعلم علما كثيرا. ومنهم من يتعلم إذا عاتبه المعلم ووبخه، ومنهم من لا يتعلم إلا للخوف من الضرب. وكذلك نجد اختلافا كثيرا ومطردا في الذين يملون التعليم ويبغضونه.
ويبدو أن ابن الجزار يأخذ في تربية الأطفال بمبدأ الطبع من التطبع أي أن طبائع الأطفال إنما تكون بتطبعهم وتربيتهم، وهذا مبدأ إسلامي سليم، ويتمشى
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 207