اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 190
ما يتعامل مع القوانين الإلهية التي لا سلطان له عليها.
الإنسان إذن مجبر ومسير معا، فهو مجبر لأن الله سبحانه وتعالى منحه عقلا وإرادة يوازن بهما بين الأشياء. ويختار لنفسه ما يحلو له بمحض إرادته. وقد بين الله سبحانه وتعالى للإنسان طريق الخير وطريق الشر وهو الذي يختار لنفسه الطريق الذي يسير فيه {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} وهو مسير لأن الله سبحانه وتعالى خلق الكون وما فيه وفق نواميس وقوانين تتحكم في الإنسان وتوجيهه. والإنسان محدود في قدرته الجسمية والعقلية وله حدود لا يتعداها والإنسان يحاول أن يفهم هذه القوانين ما وسعه إلى ذلك سبيلا وقد يستطيع أن ينجح في تسخير قوى الطبيعة والسيطرة عليها. ولكنه في النهاية مقيد بحدود الزمان والمكان. تلك سنة الله في خلقه ولله في خلقه شئون.
وهذا يعني بالنسبة للعملية التربوية والمنهج المدرسي أن نعني بتزويد التلميذ بما يمكنه من معرفة الكون والقوانين التي تحكمه بترتيب وانسجام هو من صنع الخالق عز وجل. كما يجب أن يربى التلميذ على احترام النظام واتباع أوامر الدين واجتناب نواهيه. فالله سبحانه وتعالى خلقنا نتحمل المسئولية وأعطانا ضميرا وإرادة حرة. ولكنه أيضا أقام الدين وتعاليمه كقوة تربوية عليا توجهنا وترشدنا فإذا كنا عقلاء، فإننا سوف نتقبل توجيهها ونسير على هديها.
وعلى الإنسان أيضا أن يؤمن بالقدر خير وشره فذلك من تمام إيمانه من ناحية واعترافا منه بحكمه الخالق عز وجل التي قد يعز على الإنسان أن يحيط بها. وينبغي أيضا أن يربى الإنسان على الإيجابية لا السلبية فإذا كانت الصحة والمرض من عند الله فإن هذا لا يعني عدم الوقاية ولا عدم سعي الناس للطبيب لعلاجهم إذا مرضوا. فالله خلق الداء وخلق الدواء وطالب عباده بأن يتطيبوا وأن يذهب الإنسان إلى الطبيب لعلاجه إذا مرض. كما يجب ألا يربى المسلم على أن يكون متواكلا سلبي الإرادة. وإنما يجب أن يعرف له دورا يقوم به ومسئولية يجب أن يتحلمها وأنه في ضوء معرفته لقوانين الكون والطبيعة قادر على تسخير ما فيها لتحقيق رفاهيته وسعادته. كما أن الإنسان وهو يمارس حرية الإرادة أو حرية الاختيار في أعماله لا بد وأن يخضع لمبدأ المسئولية والجزاء فهو
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 190