اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 188
حب وكره وتعصب وتحيز وتقبل ورفض كلها تحدد سلوك الإنسان. فكيف يستطيع الإنسان ادعاء حريته وهو في الواقع عبد لنزعات النفس وخلجاتها وعبد للعادات التي كونها. خذ مثلا الشخص الذي أصبح التدخين عادة متأصلة لديه، ومستحكمة فيه هل يستطيع أن يمتنع عنها؟ إنه قد يدخن رغم أنفه بحكم قوة العادة وسيطرتها عليه حتى مع أنه من الناحية العقلانية يعرف مضار التدخين على ماله وصحته. فهل تعتبر هذا الإنسان حرا؟ إن حرية الإرادة شرط ضروري لحرية الإنسان ولا يمكن لإنسان أن يكون حر الإرادة وهو غير قادر على التحكم فيها إذ إنه يستسلم لرغباته ونزواته أو دوافعه الجامحة. ولذلك يجب على التربية أن تهدف إلى غرس العادات عند الإنسان منذ بواكير الطفولة, وأن تهتم بالقدوة الصالحة والبعد عن قرناء السوء. وأن تربي الفرد على التحكم في نفسه ليستطيع أن يكبح زمامها وأن يسيطر عليها. كما ينبغي أن نربي ضمير الفرد لأنه خير عاصم له. وعندها يمكن أن يكون الإنسان حرا. ذلك أن الحرية الحقيقية لا تتوافر إلا في ظل الشخصية الكاملة المتكاملة. أما كيف يكتسب الإنسان هذا الكمال والاكتمال فهو موضوع التربية برمته.
أما العوامل الخارجية التي تحد من حرية الإنسان فتمثل البيئة المادية والاجتماعية التي تحيط بالإنسان. هذه العوامل الخارجية الهامة هي التي تحدد حريته. فالفقر والغنى مثلا صورتان لمدى ما يتيحه أي مجتمع من ثروة لأفراده. وكلتاهما تحدد مدى الاختيارات والإمكانيات المتاحية للإنسان وبالتالي تحدد حريته. ولذلك يعتبر تحسين مستوى معيشة الأفراد عاملا هاما نحو الحرية ومن ناحية أخرى نجد أن الإنسان الحديث قد استطاع السيطرة على ثرواته المادية والطبيعية بمقدار ما أتيح له من تقدم تكنولوجي هائل. وهو شرط ضروري لحرية المجتمعات المدنية. إلا أن التقدم في هذا الجانب كان بمعدل أسرع من معدلات النمو في الجوانب الأخرى الداخلية والخارجية المحددة للحرية.
ويجب على التربية أن تزود الأفراد بالمهارات المعرفية والسلوكية التي تحكمهم وتمكنهم من زيادة دخلهم وتحسين مستوى معيشتهم في الحياة وتنمي تطلعاتهم وآمالهم في الحياة. كما يجب على التربية أن تزود الإنسان أيضا
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 188