اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 104
وكان كل ما وصل إليه ابن طفيل عن طريق هذه الرياضة منسجما تماما -فيم يزعم- وما وصل إليه عن طريق العقل. ويستطرد الأستاذ عبد الحليم محمود فيقول: "وابن طفيل في هذا يسير على نمط سار فيه ابن سينا من قبله، وهذا التوافق بينهما بالغ الأهمية: إنهما من كبار المفكرين، ويكاد فكرهما يكون متطابقا تماما في أن العقل الإنساني يصل إلى الله بالدليل والبرهان، وفي أن القلب الإنساني يصل إلى الله بالرياضة الروحية: العبادة، صلاة وصياما وذكرا. ولقد أثبت ابن سينا وجود الله بالفعل. ودليله المرتكز على "الإمكان والوجود" معروف مشهور.. أما جانب الرياضة الروحية فيقول عنها ابن سينا في كتابه الذي كان يعتز به كثيرا. والذي ألفه في أواخر حياته وهو كتاب الإشارات".
والواقع أن التفكير في ذات الله من المباحث الفلسفية والفكرية العالية التي يختص بها كبار المفكرين وعلماء المسلمين، ولا يجوز لغيرهم الخوص أو الدخول فيها. بل إن الإسلام نهانا عن التفكير في ذاته حتى لا نضل وننحرف وأمرنا بدلا من ذلك أن نفكر في خلقه وبديع صنعه، فهذا أدعى إلى تثبيت إيماننا به.
الفرق بين التصديق والإيمان:
هناك فرق بين التصديق والإيمان. فالتصديق يعني عدم الرفض أو عدم الشك في موضوع التصديق، وتقبله بدون تفكير أو مناقشة. فأنت قد تصدق خبرا سمعته لأنه صادف هوى في نفسك. وقد تقف موقف التردد عندما تسمع إشاعة مغرضة، أما الإيمان فهو أعلى من التصديق لأنه يأتي عن قناعة، ولا بد أن يرتبط بالعمل. ولذلك عندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان أجاب بأنه "ما وقر في القلب وصدقه العمل" والمسلم القوي، قوي بإيمانه، وهو خير من المسلم الضعيف. ويقول حجة الإسلام الإمام الغزالي إن العلم طريق الإيمان بالله. وهو يقسم الإيمان إلى ثلاثة مراتب:
أ- إيمان العوام الذين يصدقون ما يسمعون ومثلهم مثل من قيل لهم فلان بالدار فصدقوا.
ب- إيمان العلماء وهو مبني على الاستنباط ومثلهم مثل من سمعوا ورأوا ما يدل على أن فلانا بالدار فصدقوا.
ج- يقين العارفين الذين يشهدون الحق دون حجاب ومثلهم مثل من دخلوا الدار ورأوا بأعينهم وهو الأنبياء والرسل ومن في مرتبتهم.
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 104