responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التذكرة في الوعظ المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 107
أما بلوى الْعباد فَإِذا حَضرتهمْ الْوَفَاة إنقسموا إِلَى محب وكاره للفناء وراض وساخط للْقَضَاء فَمن مَاتَ على حَال من هَذِه الْأَحْوَال ختم عمله بهَا وَألْحق بِأَهْلِهَا فَقَوله ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا مَعْنَاهُ يختبركم فَينْظر أَيّكُم لَهُ أطوع وَإِلَى رِضَاهُ أطلب وأسرع وَفِي الحَدِيث عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يَقُول إِن الله أذلّ ابْن آدم بِالْمَوْتِ وَعَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى الَّذِي خلق الْمَوْت والحياة ليَبْلُوكُمْ قَالَ أذلّ الله ابْن آدم بِالْمَوْتِ وَجعل الدُّنْيَا دَار حَيَاة وَدَار فنَاء وَجعل الْآخِرَة دَار جَزَاء وَدَار وَبَقَاء فقد اتَّضَح بِهَذَا الحَدِيث والأثر أَن فِي الْمَوْت حِكْمَة لمن أَرَادَ التدبر وعبرة لمن اعْتبر فَمن الْحِكْمَة فِي الْمَوْت وضع عماد المتكبرين وتنغيص حَيَاة المترفين وَتَكْذيب ظنون الآملين وتنبيه عقول الغافلين وإزعاج قُلُوب المطمئنين وَرفع أَيدي المتسلطين وَتَخْفِيف أثقال الْعِبَادَة عَن العاملين وَفَوْز المحبين بلقاء من كَانُوا إِلَيْهِ مشتاقين وَلَو لم يكن فِي الْمَوْت إِلَّا أَنه قَضَاء رب الْعَالمين لَكَانَ الرِّضَا بِهِ فرضا لَازِما لجَمِيع الْمُؤمنِينَ الْمَوْت انْقِطَاع عَن دارالفناء واتصال بدار الْبَقَاء وَخُرُوج من دَار الْعَمَل وَدخُول فِي دَار الْجَزَاء الْمَوْت رَاحَة الْمُسِيء والمحسن أما الْمُسِيء فَيَنْقَطِع عَنهُ اسْتِمْرَار طغيانه وَأما المحسن فيفضي إِلَى دَار الْجَزَاء على إحسانه الْمَوْت فِيهِ لِقَاء الأحباب وإحراز الثَّوَاب فَلَيْسَ يكرههُ إِلَّا مريب مرتاب

اسم الکتاب : التذكرة في الوعظ المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست