responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 378
فَأَمَّا سَبَبُ بَعْثِهِمْ فَقَالَ عِكْرِمَةُ: جَاءَتْ أُمَّةٌ مُسْلِمَةٌ , وَكَانَ مَلِكُهُمْ مُسْلِمًا , فَاخْتَلَفُوا فِي الرُّوحِ وَالْجَسَدِ فَقَالَ قَائِلٌ: تُبْعَثُ الرُّوحُ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَتَأْكُلُهُ الأَرْضُ. وَقَالَ قَائِلٌ: تُبْعَثُ الرُّوحُ وَالْجَسَدُ. فَشَقَّ اخْتِلافُهُمْ عَلَى الْمَلِكِ فَانْطَلَقَ فَلَبِسَ الْمُسُوحَ وَقَعَدَ عَلَى الرَّمَادِ , وَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَبْعَثَ لَهُمْ آيَةً تُبَيِّنُ لَهُمْ. فَبَعَثَ اللَّهُ أَهْلَ الْكَهْفِ.
وَقَالَ وَهْبٌ: جَاءَ رَاعٍ قَدْ أدركه المطر إلى الكهف ففتح بابه ليأوي إِلَيْهِ الْغَنَمَ , فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِمْ أَرْوَاحَهُمْ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَعَدُوا فِرِحِينَ فَسَلَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ لا يَرَوْنَ فِي وُجُوهِهِمْ
وَلا أَجْسَادِهِمْ مَا يُنْكِرُونَ , وَإِنَّمَا هُمْ كَهَيْئَتِهِمْ حِينَ رَقَدُوا , وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ مَلِكَهُمْ فِي طَلَبِهِمْ فَصَلَّوْا وَقَالُوا لِيمليخَا صَاحِبِ نَفَقَتِهِمُ: انْطَلِقْ فَاسْتَمِعْ مَا نُذْكَرُ بِهِ وَابْتَغِ لَنَا طَعَامًا. فَوَضَعَ ثِيَابَهُ وَأَخَذَ ثِيَابًا يَتَنَكَّرُ فِيهَا , وَخَرَجَ مُسْتَخْفِيًا مُتَخَوِّفًا أَنْ يَرَاهُ أَحَدٌ , فَرَأَى عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ عَلامَةً تَكُونُ لأَهْلِ الإِيمَانِ , فَخُيِّلَ إِلَيْهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِالْمَدِينَةِ الَّتِي يَعْرِفُ , وَرَأَى نَاسًا لا يَعْرِفُهُمْ , فَجَعَلَ يَتَعَجَّبُ وَيَقُولُ: لَعَلِّي نَائِمٌ. فَلَمَّا دَخَلَهَا رَأَى قَوْمًا يَحْلِفُونَ بِاسْمِ عِيسَى فَأَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى جِدَارٍ وَقَالَ فِي نَفْسِهِ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا هَذَا؛ عَشِيَّةَ أَمْسٍ لَمْ يَكُنْ عَلَى الأَرْضِ مَنْ يَذْكُرُ عِيسَى إِلا قُتِلَ , وَالْيَوْمَ أَسْمَعُهُمْ يَذْكُرُونَهُ! لَعَلَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِالْمَدِينَةِ الَّتِي أَعْرِفُ , وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُ مَدِينَةً قُرْبَ مَدِينَتِنَا فَقَامَ كَالْحَيْرَانِ وَأَخْرَجَ وَرِقًا وَأَعْطَاهُ رَجُلا وَقَالَ: بِعْنِي طَعَامًا فَنَظَرَ الرَّجُلُ إِلَى نَقْشِهِ فَجَعَلَ يَتَعَجَّبُ , ثُمَّ أَلْقَاهُ إِلَى آخَرَ فَجَعَلُوا يَتَطَارَحُونَهُ بَيْنَهُمْ وَيَتَعَجَّبُونَ وَيَتَشَاوَرُونَ , وَقَالُوا إِنَّ هَذَا قَدْ أَصَابَ كَنْزًا. فَفَرَقَ مِنْهُمْ وَظَنَّ أَنَّهُمْ قَدْ عَرَفُوهُ فَقَالَ: أَمْسِكُوا طَعَامَكُمْ فَلا حَاجَةَ بِي إِلَيْهِ. فَقَالُوا لَهُ: مَنْ أَنْتَ يَا فَتَى , وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتَ كَنْزًا فَشَارِكْنَا فِيهِ وَإِلا أَتَيْنَا بِكَ السُّلْطَانَ. فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُونَ فَطَرَحُوا كِسَاءَهُ فِي عُنُقِهِ وَهُوَ يَبْكِي وَيَقُولُ: فُرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي , يَا لَيْتَهُمْ يَعْلَمُونَ مَا لَقِيتُ.

اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 378
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست