responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 108
حَضَرُوا مِنْ صَحْرَاءِ الْقِيَامَةِ قَاعَا , فَوَجَدُوهُ أَصْعَبَ الْبِقَاعِ بِقَاعًا , وَتَنَاوَلُوا بِالأَيْمَانِ وَالشَّمَائِلِ رِقَاعًا , حُفِظَتْ أَعْمَالُهُمْ فَمَا وَجَدُوا شَيْئًا مُضَاعًا , وَكِيلَ الْجَزَاءُ بِكَفِّ الْوَكِيلِ كَمَا كَالُوا صَاعًا بِصَاعًا , ذَلِكَ يَوْمٌ لا يُرَاعَى فِيهِ إِلا مَنْ كَانَ راعى {يوم تشقق الأرض عنهم سراعا} .
قوله تعالى: {ذلك حشر علينا يسير} أي هين {نحن أعلم بما يقولون} أَيْ فِي تَكْذِيبِكَ. وَهَذِهِ تَسْلِيَةٌ لَهُ {وَمَا أنت عليهم بجبار} أَيْ بِمُسَلَّطٍ فَتَقْهِرُهُمْ عَلَى الإِسْلامِ , وَهَذَا مَنْسُوخٌ بآية السيف.
قوله تعالى: {فذكر بالقرآن} أَيْ فَعِظْ بِهِ. قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: مَنْ لَمْ يَعِظْهُ الْقُرْآنُ وَلا الشَّيْبُ فَلَوْ تَنَاطَحَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ الْجِبَالُ مَا اتَّعَظَ!
يَا ذَا النفس اللاهية , تقرأ القرآن وهي ساهية , أمالك نَاهِيَةٌ فِي الآيَةِ النَّاهِيَةِ , كَمْ خَوَّفَكَ الْقُرْآنُ مِنْ دَاهِيَةٍ , أَمَا أَخْبَرَكَ أَنَّ أَرْكَانَ الْحَيَاةِ وَاهِيَةٌ , أَمَا أَعْلَمَكَ أَنَّ أَيَّامَ الْعُمْرِ مُتَنَاهِيَةٌ , أَمَا عَرَّفَكَ أَسْبَابَ الْغُرُورِ كَمَا هِيَهْ؟
(قَدْ يَرْعَوِي الْمَرْءُ يَوْمًا بَعْدَ هَفْوَتِهِ ... وَيَحْكُمُ الْجَاهِلَ الأَيَّامُ وَالْعِبَرُ)
(وَالْعِلْمُ يُجْلِي الْعَمَى عَنْ قَلْبِ صَاحِبِهِ ... كَمَا يُجْلِي سَوَادَ الظُّلْمَةِ الْقَمَرُ)
(وَالذِّكْرُ فِيهِ حَيَاةٌ لِلْقُلُوبِ كَمَا ... يُحْيِي الْبِلادَ إِذَا مَا مَاتَتِ الْمَطَرُ)
(لا يَنْفَعُ الذِّكْرُ قَلْبًا قَاسِيًا أَبَدًا ... وَهَلْ يَلِينُ لِقَوْلِ الْوَاعِظِ الْحَجَرُ)
(وَالْمَوْتُ جِسْرٌ لِمْنَ يَمْشِي عَلَى قَدَمٍ ... إِلَى الأُمُورِ الَّتِي تُخْشَى وَتُنْتَظَرُ)
(فَهُمْ يَجُوزُونَ أَفْوَاجًا وَتَجْمَعُهُمْ ... دَارٌ إِلَيْهَا يَصِيرُ الْبَدْوُ وَالْحَضَرُ)
(لا يَلْبَثُ الشَّيْءُ أَنْ يَبْلَى إِذَا اخْتَلَفَتْ ... يَوْمًا عَلَى نَقْصِهِ الرَّوْحَاتُ وَالْبُكَرُ)
(وَكُلُّ بَيْتٍ خَرَابٌ بَعْدَ جِدَّتِهِ ... وَمِنْ وَرَاءِ الشَّبَابِ الْمَوْتُ وَالْكِبَرُ)
(بينا يُرَى الْغُصْنُ لَدْنًا فِي أَرُومَتِهِ ... رَيَّانَ صَارَ حُطَامًا جَوْفُهُ نَخِرُ)
(كَمْ مِنْ جَمِيعٍ أَشَتَّ الدَّهْرُ شَمْلَهُمُ ... وَكُلُّ شَمْلٍ جَمِيعٌ سَوْفَ يَنْتَشِرُ)
(أبعد آدم ترجون البقاء وهل ... تبق فُرُوعٌ لأَصْلٍ حِينَ يَنْقَعِرُ)
(لَكُمْ بُيُوتٌ بِمُسْتَنِّ السُّيُولِ وَهَلْ ... يَبْقَى عَلَى الْمَاءِ بَيْتٌ أُسُّهُ مدر)

اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 108
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست